مقدّمة
رئيس التحرير
يسرّني
أن أرحّب
بقرّاء العدد
الثاني -ربيع 2024- من
مجلّة
"مسارات في
الفيزياء"
الصادرة عن
الجمعيّة
العربيّة
للفيزياء،
وأتقدّم بجزيل
شكري لمن ساهم
وساعد في
إتمامِه.
مرّت
ثلاثة أشهر
على افتتاح
مجلّتنا،
وتباينت ردود
الفعل
إزاءها، وإن
كان أغلبُها
إيجابيّا،
ونحن لا نزال
بانتظار
مقترحاتكم
حول بنيتِها
وطبيعة
المواضيع
المطروحة
والسويّة
المطلوبة.
انضمّ خلال
هذه الفترة
أربعةُ
باحثين إلى
فريق
التحرير، ما
ساعد في تنظيم
وتأطير العمل،
وكلّنا أمل
بأن هدف
المجلّة
المنشود سوف
يتحقّق مع
ازدياد خبرتنا
وتفاعلنا مع
المشتغلين
بالعلْم في
مجتمعنا
العربي. ����
يركِّز
العدد
الراهِن على
فيزياء
النِّترينو،
هذا الجسيم
التالي
للفوتون
وفرةً في الكون،
والذي لم يتمّ
الاستدلال
على وجود كتلة
غير معدومة له
إلاّ منذ ربع
قرنٍ بالرغم
من اقتراح
وجوده قبل تسعة
عقود والكشف
عنه
تجريبيًّا
بعد ذلك
بعقدَين.
تُعَدّ قصةُ
البحث عنه ملحمةً
من ملاحِم
نضال الإنسان
في سبيل الكشف
عن أسرار الكون،
ومع ذلك فحتى
الآن لم
نستطِع سبرَه
مباشرةً ولا
قياس كتلته،
بل يتمّ
الاستدلال على
وجوده من خلال
مساهمته في
قوانين
المصونية لا
غير، وذلك
بسبب تآثراته
الضعيفة
جدًا.�
أجرينا
في هذا العددَ
مقابلةً مع
العالِمة
المصريّة-الأمريكيّة
ماري بيشاي
المتحدّث الرسمي
لتجربة
الـنترينو
عميقًا تحت
الأرض DUNE،
إحدى أضخم
مشاريع
التعاون
العلمي في
العالَم
الهادفة إلى
الكشف عن
النِّترينو
وفيزيائه، وهي
-حسب
اعتقادنا-
مقابلة ستُغني
القارئَ سواءٌ
أكان ذلك في
الأفكار
الاجتماعيّة
التي
تضمّنتْها أم
في المفاهيم
العلميّة
التي نوقشت
بطريقة بسيطة
ولكن عميقة.
تمّ اختيارُ
المقال
الرئيس بشكلٍ
متوافق
ليقدِّم للقارئ
أساسيّات
فيزياء
النِّترينو،
بينما تناولت
مقالات ثلاثة
أخرى مواضيع
الخلايا والطاقة
الشمسيّة،
والموصّليّة
(الناقليّة)
الفائقة،
والشوّاش مع
الكسوريّات.
المقال الخامس
كتبه باحث
شابّ في مجال
الضوء
الكمومي وعلاقته
باختبارات
أسس ميكانيك
الكمّ، وهي
فرصة لأعود
وأدعو
طلاّبنا
الأعزّاء في
المرحلة
الجامعيّة
والدراسات
العليا ألاّ
يتردّدوا في
الكتابة
إلينا.
يضمّ
العدد
كالعادة بابَ
أخبارٍ
علميّة ركّزت
على آخر
تطوّرات
استكشاف
الفضاء، أمّا
باب
المعلومات
الإثرائيّة،
المُوجَّهة
خصّيصًا
لطلاب
المرحلة
الجامعيّة
الأولى أو
مرحلة
الدراسات
العليا،
فيتضمّن من
بين ما يحويه
من معارف
شرحًا لظاهرتَين
في فيزياء
النِّترينو،
هما آليّة
الأرجوحة
لتوليد
الكتلة
وإشعاع الخلفيّة
الكوني
النِّترينُوِي،
وإعلانًا عن
مؤتمرٍ حول
النِّترينو
والمادة
المظلمة
سيقام قريبًا
في مصر،
بالإضافة إلى
عرضٍ
لكتابَين
-واحدهما تبسيطي
والآخر
أكاديمي-،
وإيراد حلِّ
مسألةِ
العدد
السابِق
وتقديم مسألة
جديدة.
�في
الختام، أعود
وأقدِّم
كامِل شكري
لكلّ من ساهم
بإخراج هذا
العدد إلى
الضوء، وبانتظار
مساهماتكم في
عدد صيف-2024 اللاحق.��
��������������������������������������������������������������������
نضال
شمعون
النيوترينو :الجسيم
الشبح
السيد
إبراهيم
لاشين، أستاذ
فيزياء
الطاقة
العالية في
جامعة عين
شمس، مصر
أوّلًا)
تمهيد عن
النيوترينو:
يُعدّ
النيوترينو
من أكثر
الجسيمات
الماديّة
المعروفة
وفرةً في
الكون، إذ
تفوق أعدادُه
جميع
الجسيمات
الماديّة
الأخرى
المعروفة وبما
يعادل
مليارات
الأضعاف.
النيوترينو
متواجد في كلّ
مكان، فالشمس
مثلًا تقوم
بإنتاج
النيوترينو
بحيث أن
مليارات منه
تعبر كلَّ
سنتمترٍ مربِّع
من مساحة
أبداننا خلال
الثانية
الواحدة. ليس
هذا الأمر
مقصورًا على
الشمس وحدها،
بل إن جميعَ
النجوم تقوم
مثل الشمس
بإنتاج
جسيمات
النيوترينو،
وإطلاقِها في
الفضاء
المحيط بها.
تقوم الشمس
بعملها هذا
بدأبٍ منذ ما
يقرب من خمسةِ
ملياراتٍ من
السنين -وهذا هو
عمر الشمس-
حتى الآن. ليس
هذا فحسب، بل
توجد
نيوترينُوات
(نيوترينوهات)
هائمة في
الكون يعود
أصلها إلى
الانفجار العظيم
الذي تمّ منذ
ما يقرب من
أربعة عشر
مليار سنة وأدّى
إلى نشأة
الكون. يبلغ
الآن عددُ هذه
النيوترينُوات
التي يعود
أصلها إلى
الانفجار
العظيم ما يقرب
من 400/cm3، وهو
يعادل
تقريبًا عدد
فوتونات
الخلفيّة
الإشعاعيّة
الكونية التي
انبثقت من
الانفجار
العظيم.
�������� يتمّ
إنتاج
النيوترينو
أيضاً من خلال
تفاعلات
الأشعة
الكونيّة مع
الغلاف
الجوّي
المحيط
بالأرض،
فالقشرة الأرضية
بصخورها تُنتِج
جسيمات نيوترينو
من خلال تحلّل
العناصر
المُشعّة
بها، وحتى
أبداننا
نفسُها تنتج
جسيمات نيوترينو
من خلال تحلّل
النظائر
المشعّة في
أجسادنا من
أمثال الكالسيوم
والبوتاسيوم.
باختصار،
جسيمات
النيوترينو
موجودةٌ حولنا
وفي كلّ مكان
وبوفرة، ولو
قُدِّر لنا أن
نرى بواسطة
عيوننا
جسيماتِ
النيوترينو
لأصبح
نهارُنا
سرمديًّا،
فحمدًا لله
على ذلك. أيضًا،
يجب ألاّ
ينتابنا
القلق بشأن
جسيمات
النيوترينو
التي تخترق
أجسادنا
ليلًا
ونهارًا، فهي
تعبر أجسادنا
ولكنها
تقريبًا لا
تتفاعل معها،
لأن
تفاعلاتها
ضعيفة جدًّا
كما سنرى
لاحقا. الحياة
نفسُها نشأت
على الأرض في
ظلّ هذا الفيض
الغامِر من
جسيمات
النيوترينو،
ولم يلحقها أيّ
ضرر. إن
تفاعلات
جسيمات
النيوترينو
الضعيفة
للغاية
تجعلها
بمثابة شبحٍ
لدرجة أنه لو
مرّ نيوترينو
في طبقةٍ من الرصاص
سمكُها
سنة ضوئيّة،
فهناك
احتماليّةٌ
مقدارُها
خمسون
بالمائة أن يصطدم
بشيءٍ ما خلال
هذه الرحلة.
ثانيًا)
النيوترينو
من وجهة نظر
النموذج
القياسي
للجسيمات
الأوّليّة:
النموذج
القياسي
للجسيمات
الأوّليّة هو
النموذج المقبول
لوصف
الجسيمات
الأوّليّة
وتفاعلاتها
المتبادلة.
يحتوي هذا
النموذج على
اثني عشر جسيمًا
أوّليّاً،
وتنقسم هذه
الجسيمات إلى
مجموعتَين
من الكواركات
واللبتونات.
أمّا عن
الكواركات
فهي تضمّ ستّة
أنواع وهي
علوي (u)
وسفلي (d)، ومسحور
(c)، وغريب (s)، وقمّة (t)، وقاع (b)، وكلّها
تتفاعل من
خلال القوى
القويّة
والضعيفة
والكهرمغناطيسيّة
والجاذبيّة
(الثقاليّة). لا
تحمل أسماء
الجسيمات هذه
أيَّ معنى وهي
فقط تُستخدم
لإيجاد لغة
مشتركة بين
الفيزيائيين.
وأمّا عن
مجموعة
اللبتونات
فهي تضمّ أيضًا
ستّةَ أنواعٍ
كالتالي،
الإلكترون (e)�
ونيوترينو
الإلكترون (νe)،
الميون (μ) ونيوترينو
الميون (νμ)،
التاو (τ)
ونيوترينو
التاو (ντ).
اللبتونات
عمومًا لا
تتفاعل من
خلال القوى
القويّة،
ولكنها
تتفاعل فقط من
خلال مجال القوى
الضعيفة
والكهرمغناطيسيّة
والجاذبيّة،
وتُستثنى
النيوترينُوات
بأنها لا
تتفاعل من
خلال مجال
القوة
الكهرمغناطيسيّة
لأنها غير
مشحونة -أي
متعادلة-
كهربائيًّا.
�������� نعود
مرة أخرى
للكواركات
فنجد أنها
تترابط فيما
بينها بواسطة
القوة
القويّة
لتشكّل
البروتونات
والنيوترونات،
فمثلًا البروتون
يتكوّن من
ثلاثة
كواركات (uud)، بينما
يتكوّن
النيوترون
من ثلاثة
كواركات (ddu)، ويجب
أن نلاحظ أن
الكواركات
لها شحنة
كسريّة، بمعنى
أن شحنة
الكوارك
العلوي (u)
موجبة وتساوي 2/3 من شحنة
الإلكترون وشحنة
الكوارك
السفلي (d)
سالبة وتساوي 1/3 شحنة
الإلكترون.
تشكِّل
البروتونات
والنيوترونات
أنويةَ (أو
نَوَى) الذرّات،
وبالتالي
تشكِّل معظمَ
ما نراه من
المادّة
المستقرّة
المرئيّة في
الكون.
أمّا بالنسبة
للّبتونات
المشحونة،
فأخفّها
من حيث الكتلة
هو الإلكترون
يليه الميون
ثم التاو،
والشحنة
الكهربائيّة
سالبة لكلّ من
هذه
اللبتونات
وتساوي
شحنة
الإلكترون.
�������� وفي
سياق النموذج
القياسي
للجسيمات
الأوّليّة،
توجد أيضا
حامِلات
القوى، مثل
الفوتون (γ)
حامل القوة
الكهرمغناطيسيّة،
وبوزونات W,
Z حامِلات
القوى
الضعيفة،
والجليونات (g) حامِلات
القوى
القويّة.
علاوةً على
ذلك، يوجد
جسيم هيجز وهو
ضروري لكي
تكتسب
الجسيمات
الأوّليّة
وبوزونات W, Z
كتلَها المرصودة
تجريبيّاً.
أمّا عن كتل
النيوترينُوات
فهي تُعتبر
عديمة الكتلة
تمامًا في
سياق النموذج
القياسي
للجسيمات
الأوّليّة. من
هنا نجد أن
النيوترينوات
تُشكِّل من
حيث العدد
ربعَ
الجسيمات
الأوّليّة،
وإضافةً
إلى وفرتِها
الهائلة فإنه
يتحتّم علينا
أن نفهم
خواصَّها من
أجل فهم طبيعة
الكون حولنا.
النموذج
القياسي
للجسيمات
الأوّليّة
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/00/Standard_Model_of_Elementary_Particles.svg/360px-Standard_Model_of_Elementary_Particles.svg.png
ثالثًا)
ظهور واكتشاف
النيوترينو
في
الواقع إن
اكتشاف
النيوترينو
وسبر خصائصه
لهو من أحد
أهم الملاحم
العظيمة
للفيزياء،
والتي
استمرّت لما
يقرب من مائة
عام حتى الآن،
ومع ذلك لم
يتمّ إسدال
الستار على
الفصل الأخير
من هذه
الملحمة، فهي
لا زالت مستمرّة،
وتحمل في
طيّاتها
الكثير من
الأسرار
والمفاجآت
التي ستكشف
عنها السنوات
المقبلة.
�������� تعود
قصّة ظهور
النيوترينو
إلى دراسة
ظاهرة
التحلّل
الإشعاعي
المصحوب بجسيمات
بيتا (β)،
وجسيمات بيتا
هنا هي مجرّد
إلكترونات
سالبة الشحنة.
في هذا
التحلّل
الإشعاعي
المصحوب
بجسيمات بيتا
تتحوّل نواة
العنصر المُشِعّ
A
(النواة
الأمّ) إلى
نواة أخرى B
(النواة الابنة
أو الوليدة)
تحمل نفسَ
العدد
الكتلي، ولكن
العدد الذري
يزيد بمقدار
الواحد عن ذاك
الذي للنواة
الأمّ، حيث
يمكن التعبير
عن التحلّل من
خلال التالي A�
B
e. عند
دراسة طاقة
حركة
الإلكترون
المنبعث وُجِد
أنها تمثِّل
طيفًا من
القيم
المستمرّة
تبدأ من صفر
وتنتهي إلى
طاقةٍ قصوى
تعتمد على
الفرق الضئيل
بين كتلة كلٍّ
من النواة
الأمّ والابنة،
وقد تمّ قياس
طيف الطاقة
المنبعث
للإلكترون على
يد العالِم
الإنجليزي
جيمس تشادويك
عام 1914. تُمثِّل
هذه النتيجة
في حدّ ذاتها
كارثةً إذ أن طاقة
الإلكترون
المنبعث يجب
أن تكون قيمةً
واحدةً وليس
طيفًا
متّصلًا من
القيم كما
يحتِّم بذلك
مبدأُ حفظ
الطاقة
[1]
الذي يُعدّ من
أحد أهمّ
المبادئ في
الفيزياء،
ويسري على
التحلّلات
الإشعاعيّة
الأخرى المصحوبة
بانبعاث أشعة
جاما (γ) وجسيمات
ألفا (α)، وقد أصبح
هذا الأمرُ لغزًا
يحتاج إلى
تفسير.
الطيف
المتّصل
للإلكترون
الصادِر في
تحلّل بيتا
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/2/2b/RaE1.jpg/330px-RaE1.jpg
�������� في
عام 1930، قدّم
باولي عالِم
الفيزياء
النمساوي
الشهير حلًّا
يائسًا لهذه
الأزمة
بافتراض وجود
جسيمٍ ثالثٍ
في نواتج
التحلّل غيرِ
مرئيٍّ،
ويشارِك
الطاقةَ مع
الإلكترون
وبالتالي
يمكن إنقاذ
مبدأ حفظ
الطاقة من
الانتهاك. هذا
الجسيم
الافتراضي
يجب أن يكون
عديمَ الشحنة
الكهربائيّة
نتيجةً
حتميّةً
لمبدأ حفظ
الشحنة، الذي
يُعدّ أيضًا
من المبادئ
المهمّة في
الفيزياء.
يمكن
الاستدلال
أيضًا بسبب
الفرق الصغير
بين كتلة كلٍّ
من النواتَين
الأم والابنة
ومن قيم
الطاقة
المرصودة
للإلكترون في
هذا التحلّل
على صغر كتلة
هذا الجسيم
الافتراضي
إلى درجة
الانعدام.
يمكن الآن
التعبير عن
التحلّل
الإشعاعي
كالتالي: A�
B
e ν، حيث (ν)
يمثّل الجسيم
المتعادل
الذي سوف يشارك
الإلكترون في
الطاقة
وبالتالي
يتمّ حلّ
مشكلة حفظ
الطاقة،
ويصبح
بالإمكان لِطَيف
طاقةِ الإلكترون
المنبعث أن
يكون طيفًا
مستمرًّا من
الصفر إلى
قيمةٍ قصوى
معيّنة.
�������� كان
باولي يعتقد
أن هذا الجسيم
المتعادل ν
هو أحد
مكوّنات
النواة، وفي
ذلك الوقت لم
يكن قد تمّ
اكتشاف
النيوترون،
لكن لاحقًا في
عام 1932 تمّ
اكتشاف
النيوترون
على يد جيمس
تشادويك الذي
قابلناه
سابقًا، وتبيّن
أن له كتلةً
تقارب كتلة
البروتون،
وبالتالي فإن
النيوترون
ليس هو الجسيم
ذو الكتلة
الصغيرة
الصفريّة الذي
اقترحه باولي.
�������� في
عام 1934، يقوم
عالِم
الفيزياء
الإيطالي إنريكو
فيرمي بوضع
نظريّة
للتحلّل
الإشعاعي
المصحوب
بانبعاث
جسيمات بيتا. يكمن
فحوى
النظريّة في أن
النيوترون هو
الذي يتحلّل
إلى بروتون
وإلكترون
وإلى الجسيم
المتعادل
الذي افترضه
باولي من قبل،
بحيث يمكن
التعبير عن
التحلّل
كالتالي:
n�
p
e ν
وفي
نظريّة فيرمي
يمكن أن
تتفاعل
الأجسام الأربعة
كلّها عند نفس
النقطة في
المكان ونفس
اللحظة
الزمنية. يمكن
التعبير عن
ذلك بالرسم
التالي:
تحلّل
بيتا وفق
نظريّة فيرمي
وقد
صكّ فيرمي
اسمًا لهذا
الجسيم
المتعادل وأطلق
عليه اسم
النيوترينو،
وهو ما يعني
النيوترون
الصغير
باللغة
الإيطاليّة.
من نظريّة
فيرمي، يمكن
حساب شدّة
التفاعل وطيف
الطاقة
للإلكترونات
المنبعثة
ومقارنتها
بالبيانات
التجريبيّة.
تستلزم هذه
المقارنة أن
التفاعل
المسؤول عن
التحلّل
الإشعاعي
المصحوب بانبعاث
جسيمات بيتا
يجب أن يكون
ضعيفًا للغاية،
ودرجة الضعف
هذه كانت
كفيلة
بالقضاء على أيّة
آمال بمحاولة
اكتشاف
النيوترينو
لدرجة أنّ باولي
عبّر سابِقًا عن
هذا الإحباط
في عام 1931 بقوله:
"لقد ارتكبت
شيئًا فظيعًا
بافتراض
جسيمٍ لا يمكن
اكتشافه
والإمساك به".
رابعًا)
النيوترينو
والقنبلة
النووية،
واكتشاف
النيوترينُوات
الإمساك
بالنيوترينو
أمر صعب
المنال إلى
حدّ بعيد بشكل
يدعو إلى اليأس
والإحباط. إن
تفاعل
النيوترينو
الضعيف
للغاية يجعل
الإمساكَ به
شيئًا أقرب إلى
الاستحالة،
ولكن هذه
الاستحالة قد
تغدو قيد
الإمكان إذا
تعاملنا مع
عددٍ ضخمٍ
جدًا بما فيه
الكفاية من
النيوترينوات.
أين يوجد هذا
العدد الضخم
من
النيوترينوات؟
يوجد عند
تفجير قنبلة
نووية، إذ إن
عمليّة
الانشطار
النووي التي
تتمّ أثناء
التفجير
النووي تؤدّي
إلى انبعاث
عدد ضخم من
النيوترينوات.
إذن يمكننا
الإمساك
بكاشِفٍ
للنيوترينوات
بالقرب من
مكان تفجير
قنبلة نووية،
وهذا ما فكّر
فيه بالفعل
العالِمان
فريدريك راينز
وكليد كووان
عام 1953،
ولكنهما عدلا
عن هذه الفكرة
لأن هذه
التجربة غير
مأمونة، وأيضًا
يصعب
تكرارُها،
ووجدا بعد ذلك
أنه من الأنسب
والأكثر
أمانًا أن
يتمّ إجراء
التجربة بالقرب
من أحد
المفاعلات
النووية
والتي تُدار
لأغراض
الحصول على
الطاقة. يعادل
فيضُ
النيوترينُوات
المتدفّق من
المفاعلات 1013 (أي
عشرة آلاف
مليار نيوترينو)� لكل سم2
في كلّ ثانية،
وهذا عدد ضخمٌ
يُعزِّز
فرصةَ الكشف
عن النيوترينو.
�������� قد
يتساءل المرء
كيف نمسك
بجسيم
النيوترينو
وهو متعادل
كهربائيّاً
وعديم
الكتلة، إذ أن
أساس عمل الكواشف
هو الإمساك
بالجسيمات
المشحونة
كهربائيًّا. من
هنا تأتي فكرة
الانحلال
العكسي لبيتا
والذي يمكن
التعبير عنه
كالتالي:
νe
p �
n e+
حيث
يتفاعل جسيم
النيوترينو
مع البروتون
ويؤدي إلى
تخليق النيوترون
والجسيم
المُضادّ
للإلكترون e+ (وهو
ما يُسمّى
بالبوزيترون).
يمكن الإمساك
بهذا
الإلكترون
المُضادّ
ولكنه لا يلبث
طويلًا
فبمجرّد أن
يصادف
إلكترونًا
عاديّاً فإن كلّا
منهما يفني
الآخر ويصدر
انبعاث
من أشعة جاما.
هذه النبضات
الضوئيّة
يمكن رصدُها
باستخدام
مُضاعفات
ضوئيّة،
وبالتالي
يكون هذا دليلًا
على وجود
النيوترينو.
نحن لا نرى
النيوترينو
مباشرة ولكن
عند تفاعله مع
المادة ينتج
لنا اللبتون
المشحون
المرافِق له
وهذا ما نمسك
به.
�������� لقد
قام كلّ من
راينز وكووان
بتنفيذ هذه
التجربة،
وكان الكاشف
المُستخدَم
عبارة عن كميّة
ضخمة من
المياه تعادل
أربعة آلاف
لِتراً من المياه.
تُشكِّل
أنويةُ
الهدروجين في
هذا الماء
البروتونَ
الذي سيتفاعل
مع جسيم
النيوترينو.
بالإضافة
لهذا الماء،
توجد أيضًا
مادّة كلوريد
الكادميوم
التي تكشف عن
وجود النيوترون
الخارِج من
تفاعل
النيوترينو
مع المادّة،
ويكون هذا
مصحوبًا
بومضة ضوئيّة.
هناك إذن
ومضتان من
الضوء، واحدة
مصحوبة
بالإلكترون
المُضادّ
والأخرى
بالنيوترون،
ويوجد ترابطٌ
زمنيّ مميِّز
بينهما. ولا
ننسى في هذا
الخضمّ أن هذا
الكاشِف تمّ
وضعُه على عمق
اثنَي عشر
مترًا تحت
الأرض من أجل
حجب تأثير الأشعة
الكونيّة حتى
لا تتداخل
تفاعلاتُها مع
تفاعل
النيوترينو.
�������� بهذه
الطريقة، تمّ
اكتشاف
النيوترينو
عام 1956 بواسطة
كلّ من راينز
وكووان، وقد
أبرق كلاهما
إلى باولي
لإخباره عن
اكتشاف
الجسيم الذي
كان قد افترضه
قبل خمسة
وعشرين
عامًا، فقام
باولي بالردّ
عليهما بقوله
"ينال كلَّ
الأشياء من
يُحسن الصبرَ
والانتظار".
لقد نال
فريدريك
راينز جائزة نوبل
عن هذا
الاكتشاف عام
1995 أي بعد قرابة
أربعين عامًا من
الاكتشاف،
بينما لم ينل
كليد كووان
الجائزة
لأنه كان قد
تُوُفيّ عام 1974
ولم يكن محظوظًا
لتطول به
الحياة حتى
ينال الجائزة.
راينز
على اليسار
وكووان على
اليمين في
مركز التحكّم
بتجربة الكشف
عن النيوترينو
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/5/53/Clyde_Cowan.jpg/330px-Clyde_Cowan.jpg
�������� لم يقف
الأمر عند هذا
الحدّ، فخلال
الأعوام التالية
بعد عام 1962 تمّ
اكتشاف نوع
آخر من
النيوترينو
وهو نيوترينو
الميون على يد
كلّ من
ليدرمان
وشوارتز
وشتاينبرغر،
حيث تمّ منحهم
جائزة نوبل
عام 1988، وأخيرًا
في عام 2000 تمّ
اكتشاف
النوع الثالث
من النيوترينو
وهو نيوترينو
التاو بواسطة
تعاون ضخم من
خلال تجربة
أُجريت في
معمل فيرمي في
الولايات
المتّحدة
الأمريكيّة.�
خامسًا)
النيوترينو
من السماء
� ����ممّا
سبق نرى أن
النيوترينو
قد تمّ
اكتشافه من
خلال مصادِر
أرضيّة، فلماذا
لا نتطلّع إلى
السماء كمصدر
للنيوترينو
مستلهمين قول
أمير الشعراء
أحمد شوقي:
واطلبوا
المجد على
الأرض فإنْ��
هِيَ
ضاقت فاطلبوه في
السماء.
هذا
ما فعله
بالضبط راموند
دافيز ليس
بدافع
شاعريّ، ولكن
بدافع علميّ،
فهو يعلم أن
الشمس حسب
النموذج
الشمسي
المُعتمَد
تُنتِج
الطاقة
والضياء
والحرارة من
خلال سلسلة من
التفاعلات
النووية
الاندماجية
المعقّدة،
والتي تؤدّي
أيضًا إلى
إنتاج نيوترينو
الإلكترون
فقط، بمعنى أن
الشمس هي مصدر
لنيوترينو
الإلكترون.
ويمكننا حسب
هذا النموذج
الشمسي
المُعتمَد
حسابُ فيض
النيوترينو
المُتوقَّع
والذي يبلغ
حوالي 1012 لكل
سم2
في كلّ ثانية.
بدأ راموند
دافيز عملَه في
أوائل
الستّينات من
القرن
المنصرم
بإعداد
التجربة في
أعماق أحد
المناجم في
الولايات
المتّحدة
الأمريكيّة
على بعد حوالي
1.5 كيلومتر تحت
الأرض لكي
يتجنّب
تداخلات الأشعة
الكونيّة،
وتمّ استخدام
مئات الآلاف
من ليترات
سائل التنظيف
كلوريد
الكربون
الرباعي،
موضوعةً في
خزّان كبير،
كمادّة كاشفة
للنيوترينو
من خلال
تفاعله مع
الكلور. وكانت
المفاجأة أن
عدد تفاعلات
النيوترينو
التي تمّ
رصدُها هي ثلث
القيمة
المتوقَّعة،
وهذا
يدلّ على أن
عدد
النيوترينوات
القادمة من
الشمس أقلّ
ممّا هو
متوقَّع حسب
النموذج
الشمسي
المُعتمَد،
ولكن راموند
دافيز أصرّ
على صحّة
النموذج الشمسي
المُعتمَد
بعد إجراء
الكثير من
المراجعات
والتدقيق
لهذا النموذج.
نحن هنا أمام
خيارَين،
فإمّا أن يكون
النموذج
الشمسي
المُعتمَد
خطأً، بينما
يُصِرّ
راموند دافيز
على صحّته، وإمّا
أن يكون هناك
خطأٌ ما
بالنسبة
لفهمنا
للنيوترينو.
ماذا حدث
للنيوترينو
خلال رحلته
الطويلة من
الشمس حتى يصل
إلينا على
الأرض؟
تجربة
دافيز ومشكلة
النيوترينو
الشمسي
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e2/U.S._Department_of_Energy_-_Science_-_390_002_007_%289952118384%29.jpg/330px-U.S._Department_of_Energy_-_Science_-_390_002_007_%289952118384%29.jpg
�������� هناك
مصدر سماوي
آخر للنيوترينو،
وهو طبقات
الغلاف
الجوّي للأرض
على ارتفاع ما
يقرب من خمسة
عشر
كيلومترًا.
عند هذا
الارتفاع،
تتفاعل
الأشعة
الكونيّة -والتي
تتكوّن أساسًا
من بروتونات-
مع الأنوية في
الغلاف
الجوّي وتؤدّي
إلى كثيرٍ من
جسيمات
البيون
المشحونة،
حيث يتحلّل
البيون إلى
ميون ونيوترينو
مصاحب له.�
يتحلّل
الميون بدوره
إلى إلكترون
ونيوترينو
الميون
ونيوترينو
الإلكترون،
أي أنه لكلّ
نيوترينو
إلكترون يوجد
اثنان من
نيوترينو
الميون، وهذا
يعني أن نسبة
تواجد نيوترينو
الميون تبلغ ضعفَ
نسبة نيوترينو
الإلكترون في
فيض النيوترينو
الآتي من
الغلاف
الجوّي. وقد
تمّ رصد هذه
النيوترينوات
بدءًا من
منتصف
الستّينات في
تجارب
أُجرِيت في
أعماق
المناجم
كالمعتاد. ما
لم يكن معتادًا
هذه المرّة هو
أن هذه
التجارب لم
تُجرَ في
أوروبا أو
أمريكا،
ولكنها
أُجرَيت في
كلّ من الهند
وجنوب
أفريقيا، وقد
وُجِد أن نسبة
نيوترينو
الميون إلى
نيوترينو
الإلكترون
أقلّ من
المتوقَّع،
ولكن مع أخذ عوامل
الخطأ في
الاعتبار
يمكن التغاضي
عن عدم التوافق
هذا،
وبالتالي
كانت النتيجةُ
التجريبيّة
المرصودة
متوافقةً
مع التوقّعات
النظريّة.
�������� العامِلُ
الحاسم في
تأكيد هذا
التوافق من عدمه
أتى من ناحية
غير متوقَّعة،
ومن تجارب
كانت
مُصمَّمة
خصّيصًا
لاكتشاف تحلّل
البروتون
اُبتُدئ
بتصميمها منذ
بدايات
الثمانينيّات
من القرن
المنصرِم. بالرغم
من أن هذه
التجارب لم
تكشف أيّ أثرٍ
لتحلّل
البروتون،
ولكنها
استطاعت الكشف
عن
النيوترينُوات
الجوّيّة،
وذلك لأن
الكشف عن
الجسيمات
الناتجة
عن تحلّل
البروتون هو
نفسه يشابه
الكشف عن
الجسيمات
الناشئة عن
تفاعل
النيوترينو
مع المادّة.
لقد أكّدت هذه
التجارب أن
فيض نيوترينو
الميون أقلّ
من المتوقّع
ويساوي فيض
نيوترينو
الإلكترون
وليس ضعفَه
كما هو
متوقَّع. تمّ
ذلك في عام 1986 من
خلال إحدى
التجارب التي
أُجريَت في
اليابان
وتُسمّى
تجربة
كاميوكاندي.
وكالمعتاد،
نُصِّبت
التجربة في
أعماق أحد
المناجم هناك
في اليابان، وكان
جهازُ الكشف
عبارةً
عن خزّان مياه
يحتوي على
عشرات الآلاف
من أطنان
المياه
مُحاطة
بالآلاف من
المُضاعِفات
الضوئيّة.
يعادل جهاز
الكشف في
ضخامته مبنىً
من عدّة
طوابق، ويبدو
في هيئته
وبوجود هذا
العدد الضخم
من
المُضاعِفات
الضوئيّة
ككائن أسطوري
خرافي.
الُمضاعفات
الضوئيّة هذه
تقوم برصد
الإلكترونات
أو الميونات
الناشئة عن تفاعل
النيوترينو
مع المادة
وذلك عن طريق
نوع معيّن من
الإشعاع
يُسمّى إشعاع
تشيرِنْكوف
يصدر عن هذه
الجسيمات
المشحونة
عندما تسير
داخل الماء
بأعلى من سرعة
الضوء خلاله.
�
نموذج
لكاشِف
كاميوكاندي
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/9f/Kamiokande89.JPG/330px-Kamiokande89.JPG
�������� من
خلال تعاون
دولي عالَمي
يضمّ كلًّا من
اليابان
والولايات
المتّحدة
الأمريكيّة
وكوريا
والصين
وبولندا
وإسبانيا،
تمّ إنشاء تجربة
أخرى سُميَّت
كاميوكاندي
الفائقة. وحتى
يتمّ رصد عدد
أكبر من
النيوترينوات
مقارنةً مع
التجارب
السابقة،
يتمّ هنا
استخدامُ
كميّة ٍأكبر
من المياه
وعددٍ أكبر من
المُضاعفات
الضوئيّة،
وقد بدأ
الإعداد
للتجربة منذ
أوائل
التسعينيّات
إلى أن
أُجرِيَت عام
1996. وفي غضون عام
1998، وأثناء
مؤتمر دولي عن
النيوترينو،
تمّ الإعلان
عن النتائج
والتي تؤكِّد
أن فيض نيوترينو
الميون أقلّ
من المتوقَّع
ويساوي فيض
نيوترينو
الإلكترون. إن
هذه التجارب
كما أكّدت ما
هو متعلِّق
بشأن النيوترينو
الجوّي،
فإنها أكّدت
أيضًا
ما هو متعلّق
بشأن النيوترينو
الشمسي
وأكّدت ما تمّ
رصدُه من قبل
بواسطة راموند
دافيز.
كاشِف
تجربة
كاميوكاندي
الفائقة
https://www-sk.icrr.u-tokyo.ac.jp/en/sk/experience/gallery/#modal13
�������� وفي
ضوء تلك
الاكتشافات
التجريبيّة
تمّ منح راموند
دافيز جائزة
نوبل في الفيزياء
لعام 2002 وكان
عمره وقتئذ
سبعة وثمانين
عامًا، حيث
كان محظوظًا
أن يطول به
العمر إلى هذا
الحدّ ويأخذ
جائزة نوبل
التي شاركه
فيها عالِم
الفيزياء
الياباني
كوشيبا
المسؤول عن
تصميم تجربة
كاميوكاندي. وفي
السنوات
التالية، نال
الجائزةَ
عالِمُ الفيزياء
الياباني
كاجيتا
تاكاكي وكان
رئيس الفريق
المسؤول عن
تجربة
كاميوكاندي
الفائقة
وشاركه فيها
عالِم
الفيزياء
الكندي آرثر
ماكدونالد
الذي كان يقود
فريقًا
لتجربٍة تهدف
إلى الكشف عن
النيوترينو
الشمسي في
كندا حيث
أكّدت أيضًا
ما تمّ رصدُه
سابقًا
بواسطة دافيز.
دافيز
عام
2001
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/a8/Raymond_Davis%2C_Jr_2001.jpg/330px-Raymond_Davis%2C_Jr_2001.jpg
�������� في
الواقع، لن
أستطيع ولضيق
المساحة
التحدُّث عن
جميع التجارب
التي أُجريَت
بشأن النيوترينو
الجوّي
والشمسي وعن
كلّ العلماء
الذين ساهموا
فيها، لذلك
نعتذر للقارئ
عن عدم
الإحاطة الكاملة
هذه ونذكّره
بأن هذا
الإغفال لا
يدلّ على عدم
الأهميّة بل
إنني
اضطررْتُ
لذلك بسب ضيق
المقال.���
��
سادسًا)
النيوترينو
وتغيير
الهويّة
(النكهة)
�������� كما
رأينا ممّا سبق،
تبيّن أن هناك
مشكلتَين أو
مسألتَين، تخصّ
إحداهما
النيوترينو
الشمسي،
بينما تتعلّق
الأخرى
بالنيوترينو
الجوّي. في
حالة نيوترينو
الشمس، يكون
فيض نيوترينو
الإلكترون
الذي يصل إلى
الأرض
صادِرًا عن الشمس
أقلَّ من
المتوقَّع،
بينما في حالة
النيوترينو
الجوّي يكون
أيضًا
فيضُ نيوترينو
الميون
المرصود على
سطح الأرض
أقلّ من
المتوقَّع.
ماذا يحدث
للنيوترينو
عندما يرحل في
الفضاء
متّجهًا من
الشمس أو من
طبقات غلاف الجوّ
العليا
وصولًا إلى
الأرض؟ هل
يمكن أن يغيّر
النيوترينو
من هويّته وهو
يرحل في
الفضاء،
بمعنى أنه يتحوّل
من نوع لآخر؟
�������� هذا
بالفعل ما
اقترحه
الفيزيائي
الإيطالي برونو
بونتيكورفو
عام 1969. لتبسيط
الفكرة، نفترض
أن هناك
نوعَين من
النيوترينُوات،
أحدهما
المُصاحِب
للإلكترون
ونرمز له νe�
والأخر
المُصاحِب
للميون�
νμ
،
وكلاهما ذو
هويّة محدّدة.
لا تمتلك هذه
النيوترينوات
ذات الهويّة
المُحدَّدة
كتلةً
مُحدَّدة. أمّا
عن الحالاتِ
ذاتِ الكتلةِ
المحدَّدةِ
القيم فنرمز
لها بـ ν1� للحالة
ذات الكتلة m1، و بـ ν2�
للحالة ذات
الكتلة m2. الحالة
مُحدَّدة
الهويّة هي
عبارة عن
تركيب خطّي
كمومي من الحالات
ذات الكتلة
المُحدَّدة،
ويمكن التعبير
رياضيا عن ذلك
كالتالي:
νe
= ν1
cosθ +
ν2
sinθ
νμ
= -ν1
sinθ +
ν2
cosθ
كما
يمكن تمثيل
هذا
"الدوران"
بالرسم كما يلي:
هذه
الحالات من
التراكب
الكمومي تسمح
بها نظريّة
الكمّ، وتؤدّي
إلى تأثيرات
كمومية خالصة
لا تظهر إلاّ
في نطاق نظريّة
الكمّ والنظم
الخاضعة لها.
من ضمن هذه
التأثيرات ما
يُعرَف
بتغيير
الهويّة،
فمثلًا نبدأ
بالجسيم νe وهو
حالة تراكب ((ν1
cosθ +
ν2
sinθ وعندما
ننتظر بعضًا
من الوقت فإن
كلّاً من
الحالتَين
ν1 و ν2
تتغيّران مع
الزمن
بكيفيّتَين
بسيطتَين ولكن
غير
متطابقتَين،
وهذا يؤدي إلى
تغيير حالة
التراكب ذات
الهويّة νe �إلى
حالة تراكب
يمكن أن
يتواجد فيها
كلّ من νe و νμ. أي أننا قد
نبدأ بحالة νe وبمرور
الزمن قد
يختفي νe
تمامًا ويظهر
بدلًا منه νμ أو خليطٌ
(مزيج) يحتوي
على كلّ من νe
�و νμ . وهذا
يعتمد على
الزمن بطريقة
دوريّة من خلال
دوالّ
مثلثيّة،
ولذلك يسمّي
الفيزيائيّون
هذه الظاهرة
بتذبذب
(اهتزاز)
النيوترينو،
وتُحدَّد
سمات هذه
الدوالّ
الدوريّة من
خلال زاوية
الاختلاط θ
والفروق بين
مربّعَي
الكتلة �m22-m12 وطاقة
النيوترينو.
يختفي هذا
التذبذب
تمامًا في
حالة انعدام
الاختلاط، أي
عندما
تكون زاوية
الاختلاط
مساويةً
للصفر θ
= 0،
أو عند تساوي
الكتلتَين m1
= m2.
�������� يمكن
بسهولة تعميم
هذا التحليل
عندما يكون
لدينا ثلاثة
أنواع من
النيوترينو
(νe,
νμ,
ντ)،
وبالتبعيّة
ثلاث حالاتٍ
ذات كتلة
محدّدة (ν1,
ν2,
ν3)،
وفي هذه
الحالة يكون
لدينا ثلاث
زوايا اختلاط
بالإضافة إلى
زوايا طور
تكون مسؤولة
عن الفرق بين
سلوك المادّة
والمادّة
المُضادّة.
�������� في
الواقع، إن
التجارب
التي كانت
تُجرى على
النيوترينو
بشأن مشكلتَي
النيوترينو
الجويّة
والشمسيّة
كانت تأخذ
بعين الاعتبار
اهتزاز
النيوترينو
وتغيير
هويّته، ومن
بين هذه
البيانات
التجريبيّة
يمكن تعيين
زوايا
الاختلاط،
وبعض زوايا
الطور،
والفروق بين
مربّعات الكتل.
�������� كانت�
النتائج
التجريبيّة
تدلّ على أن
زوايا
الاختلاط
كبيرة على
النقيض من
الاختلاط في
قطّاع
الكواركات، حيث
زوايا
الاختلاط
صغيرة. إن
زوايا
الاختلاط في
النيوترينُوات
يمكن أن تبلغ
ثلاثين
درجة في حالة
مشكلة
النيوترينو
الشمسي،
وخمسة
وأربعين درجة
في حالة مشكلة
النيوترينو
الجوّي.
�������� أمّأ
عن فروق
مربّعات
الكتل، فهي
بالغة الصغر
بحيث أنها مع
اعتبارات
أخرى تؤدّي
إلى امتلاك
النيوترينو
لكتلة صغيرة
جدًا. هذه
الكتلة
الصغيرة
المتوقَّعة
للنيوترينو
أصغر من كتلة
الإلكترون
بحوالي مليون
مرّة، ونذكر
أن الإلكترون
بحدّ ذاته
يُعَدّ من أخفّ
الجسيمات
الأوليّة. �
سابعًا)
خاتمة
وتحدّيات
ممّا
سبق يتّضح لنا
أن النيوترينو
تفاعله ضعيف
جدًا مع
المادّة،
ولكي يتسنّى لنا
اكتشافه لا
بدّ من بناء
كواشف عملاقة
تحتوي على
كميّات ضخمة
من الموادّ
كالماء مثلًا.
�������� تستلزم
تجارب اهتزاز
النيوترينو
أن تكون له
كتلة
والبيانات
التجريبيّة
تشي بصغر هذه
الكتلة إلى
حدّ مليون
مرّة أصغر من
كتلة
الإلكترون،
وهذا الصِّغرُ
البالغ لكتلة
النيوترينو
بالنسبة
للجسيمات
الأوّليّة
الأخرى يستصرخنا
من أجل
التفسير.
وماذا عن
هرميّة ترتيب
الكتل (بمعنى
الترتيب من
الأصغر نحو
الأكبر من
ناحية الكتلة)؟
وهل هناك ثلاثة
نيوترينُوات
أم أكثر؟
�������� هل لعب
النيوترينو
دورًا
فاعِلًا في
تشكيل الكون
حولنا؟ في
الحقيقة، إن
الكونَ
حولَنا مليءٌ
فقط
بالمادّة،
ولا توجد آثار
ملحوظة عن
تجمّعات من
المادّة
المُضادّة.
حسب نموذج
الانفجار
العظيم لنشأة
الكون، فإن
الكون قد بدأ
بمقادير
متساوية من
المادّة
والمادّة
المُضادّة،
ولو استمرّ على
هذا الحال
لانتهى به
المطاف إلى
كونٍ مليءٍ
بالفوتونات،
وَلَما كنّا
هنا الآن
نتعجّب من
نشأة الكون.
لا بدّ من أن
هناك ثمّةَ
فروقٍ بين
المادّة
والمادة
المُضادّة
أدّت إلى
هيمنة (سيادة)
المادّة في
كوننا الحالي.
هل يمكن
للنيوترينو
أن يلعب دورًا
مهمًّا هنا؟� ��
������� تستلزم
هذه
التحدّياتُ
والمعضلات
إجراءَ تجارب
جديدة بأفكار
مُبتكَرة،
وبناءَ كواشف
عملاقة
أكبر حجمًا من
سابقاتها،
بغرض الإمساك
بأعداد أكبر
من النيوترينو،
وذلك من أجل
تحسين
التحليل
الإحصائي
للنتائج
التجريبيّة،
وإعدادَ حزم
كثيفة من
النيوترينو
يمكن ضبطُ
طاقتها حسب
رغبتنا، وذلك
لأن دراسة
تأثير طاقة
النيوترينوات
تُمكّننا من
قياس أشياء
كثيرة مهمّة.
هناك
بالفعل
الكثيرُ من
التجارب يُعَدّ
ليتمّ إجراؤه
في المستقبل
القريب حتى يتمّ
فكّ شِفرة ذلك
الجسيم اللغز
الذي ظلّ
يُدهشنا على
قرابة مائة
عام، وما زال
في جعبته
الكثير من
المفاجآت.���
��
�
ثامنًا)
المراجِع
[1] Frank
Close, (2010), Neutrino, Oxford University Press, Oxford
[2] Takaaki Kajita, (2010),
Atmospheric neutrinos and discovery of neutrino oscillations, Proc. Jpn. Acad.
Ser. B 86.
مقابلة
من الأبواب الثابتة في مجلّة مسارات إجراء مقابلة مع إحدى الشخصيّات العلميّة المهمّة في العالَم العربي أو في العالَم. يُشرّفنا في العدد الثاني من مجلّتنا أن نستضيف الأستاذة ماري بيشاي Mary BISHAI المتحدِّث الرسمي لتجربة الـ Deep Underground Neutrino Experiment (DUNE) �التي تضمّ أكثر من 1400 عالِم وسوف تُرسِل أكثرَ حزم النِّترينو شدّةً في العالَم لتقطع مسافةً تنوب على 1300 كم من مخبر فيرمي بالقرب من شيكاغو إلى مركز أبحاث سانفورد تحت الأرضي في داكوتا الجنوبيّة بهدف إجراء أبحاثٍ حول دور النترينو في عمل الكون، كما أنها حازت بصفتِها عضوةً �في تجربة Daya Bay في الصين -التي بيّنت عدمَ انعدام الزاوية الصغرى لتمازج النّترينُوات- وبالمشاركة مع أعضاء فريق التعاون الدولي جائزةَ الكشف-الاختراق Breakthrough المرموقة في العلوم الأساسيّة.� �أجرى اللقاءَ يوم 13 مايو-أيّار 2024 كلٌّ من عادِل عوض ودانا عبد الغني من فريق التحرير. يمكن مشاهدة المقابلة كاملةً على الرابِط:���� �
https://drive.google.com/file/d/1e6whH0bOyl_oqDd39Fs3YxkMb6zrs55J/view?usp=sharing
مقابلة مع الأستاذة ماري بيشاي، المتحدِّث الرسمي لتجربة DUNE المهمّة عن خواصّ النترينو
ماري بيشاي في بروكهافِن
https://www.bnl.gov/newsroom/news.php?a=121011
عادل: مساء الخير، بروفيسورة بيشاي. نتشرّف باستضافتكِ في هذا العدد الثاني من مجلتنا "مسارات في الفيزياء" الصادرة عن الجمعية العربية للفيزياء.
لديكِ مسيرة علمية متميزة للغاية، فأنتِ عملتِ وتعملين في بعض أهمّ مختبرات فيزياء الجسيمات في العالَم: أولاً، في مختبر فيرمي-لاب، مع تجربة التيفاترون، ثم مختبر بروكهافِن الوطني، حيث أنت الآن مسؤولة عن فريق عمل تجربة "دون" (DUNE) والبالغ 1400 عضو. بالإضافة إلى ذلك، شاركتِ في العديد من تجارب النيوترينو المهمّة وفي جميع أنحاء العالم، مثل تجربة داياباي (DayaBay) التي حصلتِ بالاشتراك مع فريق عملها على جائزة الـ Breakthrough في العلوم الأساسية في عام 2016. كما أنك أيضًا زميلة في الجمعية الأمريكية للفيزياء منذ عام 2014.
دعيني أقدم مجلتَنا بإيجاز، إنها تهدف إلى شرح البحوث المتقدمة في العلوم الفيزيائية للجمهور العربي، وتصدر عن الجمعية العربية للفيزياء الملتزمة بنشر المعرفة العلمية وتعزيز الفهم العام للفيزياء في العالَم العربي.
أنا عادل عوض، ومعي دانا عبد الغني، من فريق التحرير في المجلة، نحن سعيدان جدًا بلقائك.
دعيني أبدأ بالسؤال التالي: هل يمكنك أن تعطينا نظرة عامة موجزة عن مسيرتك الشخصية في فيزياء الجسيمات التجريبية منذ دراستك الجامعيّة ولغاية تولّي مسؤولية منصب المتحدث الرسمي لتجربة DUNE؟
ماري: بدأت مسيرتي الجامعية في الجامعة الأمريكية في القاهرة ثم انتقلت في السنة الثالثة إلى جامعة كولورادو، حيث حزتُ البكالوريوس في الفيزياء، ووقتَها كان مُشرِفي العلميّ/المهنيّ يعمل في مختبر فيرمي، وشاركتُه اهتمامَه بفيزياء الجسيمات. ثم انتقلت إلى جامعة بيرديو Purdue لدراسة الدكتوراة في مجال فيزياء الجسيمات التجريبيّة حيث عملتُ ضمن تجربة CLEO في مختبر جامعة كورنيل، حيث كان هناك مُصادم للإلكترون ومُضادّه، وكنتُ في جزءٍ من أطروحتي أدرس خواصّ الكوارك الفتّان (الساحِر charm).
في مرحلة بعد الدكتوراة، انتقلت إلى مختبر فيرمي للعمل على الكاشِف CDF لمُصادِم التيفاترون -أعلى مُصادِمِ جسيماتٍ طاقةً في العالَم حينئذ- الذي كان قيد العمل، وقد أُجرِي على الكاشِف تحديثٌ كبير ثانٍ CDF2، وكنتُ واحدةً ممّن أوصى باستخدام السيليكون فيه. عملُت في أبحاثي على العتاديّات hardware، كما قمت بقياس مُعدَّل إنتاج الجسيمات في ورقةٍ غدتْ واحدة من أكثر أوراقِ الـ CDF2 استشهادًا.
ثم التحقْتُ بمختبر بروكهافِن، حيث انتقلت في عملي من مصادِمات الهادرونات إلى النيوترينُوات. شاركتُ في تجربة داياباي (DayaBay) وتجربة أمينوس (AMINOS)، وهاتان تجربتا نيوترينو مختلفتان، أُجرَت أولاهما في الصين. تركّزت معظم مساهماتي في إجراء تجارب النيوترينو في أعماق الأرض، ولكنني شاركتُ في فريق عمل داياباي (DayaBay) في السنوات الأولى وجميع التجارب الصينية التي كانت تدرس خواصّ البوزيترونات والنيوترينُوات الصادرة من المُفاعلات القريبة.
بعد ذلك، كرّست عملي طوال السنوات العشرين الماضية في مختبر بروكهافِن لإنجاز تجربة النيوترينو ذات الخطّ القاعدي الطويل Long Baseline Neutrino Experiment (LBNE) في الولايات المتّحدة، حيث عاصرت نموَّ مشروعِ التجربة منذ بدئه كفكرةٍ اقترحها زميلي ميلان ديوان وآخرون لغاية اليوم باسمه الجديد تجربة النيوترينو عميقًا تحت الأرض Deep Underground Neutrino Experiment (DUNE). تمثّل هذه التجربة مشروعَ تعاونٍ دوليّ كبير يجمع جهود العلماء التجريبيين في الولايات المتحدة وأوروبا وجنوب إفريقيا ويهدف إلى تحقيق إرسال حزمة نيوترينو من مختبر فيرمي والكشف عنها بكواشف موجودة على بعد 1300 كيلومتر في منجمٍ عميقٍ في ولاية داكوتا الجنوبية.
أستطيع القول إن رحلتي في فيزياء الجسيمات بدأت في عمر الخامسة عشر عندما قدمّ لي عمّي الدكتور حلمي بيشاي -وهو عالمُ أحياء مشهور في مصر متخصِّص في أسماك المياه العذبة ولديه العديد من الدراسات الرائدة في هذا المجال- عددًا لمجلة ناشونال جيوغرافيك National Geographic كان لديه حينها، فقرأت فيه مقالاً عن فيزياء الجسيمات يتحدث عن التيفاترون، وعن مخبر السيرن، وقررت أن هذا ما أريد أن أفعله. وحيث أن العديد من أعمامي -وحتى والدي- كان حائزًا على شهادة الدكتوراة، فإنني أعتبر هذا الحدث بدايةَ الرحلة التي انتهت بي إلى أن أكون باحثًا في مرحلة ما بعد الدكتوراه في التيفاترون. وأنا لا زلت أحتفظ بذاك العدد من مجلة ناشونال جيوجرافيك، وأشكر عمّي لأنني بفضله تعرّفتُ إلى هذا المجال من البحوث.
التيافاترون في مختبر فيرمي
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/3f/Fermilab.jpg/1024px-Fermilab.jpg
كاشِف في تجربة الـ DUNE
https://www.dunescience.org/wp-content/uploads/2018/01/protoDUNE_cryostat_interior-1195x279.jpg
دانا: كوني خرّيجةَ فيزياء أبحث عن مواصلة دراستي، فإنني أتساءل دومًا كيف يختار الناس مجالَ اهتمامهم بسرعة بعد التخرّج. لماذا اخترتِ فيزياء الجسيمات؟ ما الذي لفت انتباهَك في هذا المجال؟
ماري: ساعدني والدَيّ بتأمين بيئة مُشجِّعة للعلم والقراءة في المنزل. بعد انتقالي إلى الولايات المتحدة كطالب جامعي، تحدّثت مع أساتذتي فتقدّمتُ بطلب للحصول على درجة الدكتوراه في المعهد المعني اعتمادًا على قراءاتي وفهمي للاختلافات بين العلوم الأساسية والتطبيقية.
أعتقد أن الشباب اليوم يحصلون على المعلومات من الإنترنت ويشاهدون مقاطع فيديو YouTube وTikTok. في أيامي، كنتُ محظوظةً بأن لديّ والدَين اشتريا لي مجلات وكتبًا علمية لكي أتمكّن من تعليم نفسي لأنه لم تكن لدينا إمكانية الوصول إلى الإنترنت. وبالطبع، كانت هناك برامجُ علميّة -مُركِّزة أساسًا على الطِّب- تُعرَض على التلفزيون المصري، شاهدتها على قلّتها.
عادل: هل يمكنكِ إعطاء قرّائِنا في العالم العربي نظرة عامة على التجارب النيوترينُوِية التي تشاركين فيها حاليًا وما هي أهدافها؟ هل يمكنكِ أن تشرحي للمهتمّين بالعلوم كيفيَّة استخراج إشارات الفيزياء الجديدة من تجارب النيوترينو؟ وكيف يمكننا استخدامها للتمييز بين نماذج النيوترينو المختلفة؟
ماري: تَعلم أنه إذا وضعتَ يدَك خارجًا، ستضربها 10 مليارات نيوترينو قادمة من الشمس. إذن، النيوترينُوات متوافرة بكثرة، وهي جسيمات معتدلة كهربائيًّا وخفيفة جدًا يتمّ إنتاجها في عمليّات الانشطار والاندماج النوويَّين. هذه قصة النيوترينوات التي لعبت دورًا رئيسيًّا في حصول مختبر بروكهافِن على جائزتَي نوبل (1988 و2002)، وتُجرى حاليّا تجربتان (ICARUS, SBND) بالتعاون بين مخبرَي فيرمي وبروكهافِن.
بدأ العمل بناءً على فكرة استخدام النيوترينُوات لفهم الشمس، لأنها جسيمات تتآثر وتتفاعل بضعف شديد. يمكنك دراسةُ النيوترينُوات من الشمس وتحديد توزيع طيف طاقتها لمعرفة نوع الوقود الذي يحترق داخل الشمس. إذا نظرت فقط إلى ضوء الشمس أو المجرات أو الظواهر الفلكية الأخرى مثل نجم ينفجر كمستسعِرٍ فائق (سوبرنوفا)، فستشاهد ما يحدث على السطح فقط. أمّا إذا أردت رؤية العمليّات التي تحدث داخل الشمس أثناء احتراقها أو انفجارها، فالنيوترينُوات أداة سبرنا هنا -لضعف تفاعلاتها أثناء تسلّقها للسطح- وهذا سببُ اهتمامنا بها.
من خلال هذه الدراسة، تمّ وضع كاشِف كبير على بعد مسافة كبيرة (1.5 كم) تحت الأرض -بحيث يكون محميًا من الأشعة الكونية- في ما كان منجمًا للذهب في ولاية جنوب داكوتا. هذه كانت التجربةَ الشهيرة التي قام بها راي ديفيس من مختبر بروكهافن الوطني، درسَ فيها نيوترينُوات من الشمس وقام بإحصاء عددها المُنتَج هناك. لقد كان هناك اختلاف بين ما تمّ إنتاجُه وما تمّ كشفُه، وهذا الفرق نجم لأننا كنّا نبحث عن تفاعل كيميائي ينظر بشكلٍ مُحدّد إلى تفاعل نيوترينُوات الإلكترون. �
استنتجت التجاربُ اللاحقة في اليابان أن النيوترينوات فعلاً تتغير من هويّة (نكهة flavor) إلى أخرى. وقد اقترن هذا الأمر مع وجود أنواع عدّة للنيوترينُوات. مثلًا، اكتشفتْ تجربةٌ في مختبر بروكهافِن وجودَ نيوترينو يرتبط بالتفاعلات المُنتِجة لميون فأُطلق عليه اسم نيوترينو الميون، ثم كانت هناك تجاربُ في مختبر فيرمي اكتشفت أيضًا النيوترينو الثالث المرتبط بلِبتون التاو الأثقل من بين اللبتونات الثلاثة: الإلكترونات والميونات والتاوات. نعلم الآن أن النيوترينًوات تنتقل من نوع إلى آخر، ولكل نيوترينو هويّة، فإمّا أن تكون إلكترونيّة أو ميونيّة، أو تاويّة. يعني ذلك أنه عند حدوث التفاعل مع النترينو فإن الناتجَ دومًا هو إلكترون أو ميون أو تاو وفقاً لكون نترينو التفاعُلِ جسيمَ نترينو إلكترون أو نترينو ميون أو نترينو تاو على الترتيب، وبشكلٍ مُشابه إذا صدر لدينا مضاد إلكترون فهذا يعني أن التفاعل قد جرى مع مُضادّ نترينو إلكترون، وهكذا.
نعلم الآن أن كل هويّة-نكهة في الواقع هي تراكُبٌ من ثلاث حالات كموميّة كلٌّ منها يتميّز بقيمة محدّدة للكتلة، والتمازُجات المتباينة لهذه الحالات الكتليّة تتوافق مع النكهات المتنوّعة للنترينو. عندما تتحرك هذه الكتل المُكوّنة لتراكُب النيترينو الكمومي فإنها تتحرك بسرعات مختلفة، وبالتالي تتغيّر التركيبةُ الكتليّةُ للنيوترينو، أي يمكن لنكهة النيوترينو أن تتغير من واحدة إلى أخرى. هذا التداخل الكمومي ظاهرة فريدةٌ ومميِّزة جدًا للنيوترينو بسبب كتلته المنخفضة كثيرًا، حيث يمكن ملاحظة هذا التداخل على مسافات طويلة جدًا، بالرغم من أن قيمَ الكتل صغيرة جدًا.
نتحدث هنا عن الفرق بين أخف كتلة وأثقل كتلة. نحن لا نعرف الكتلة المطلقة للنيوترينو، ولكن نعلم أنها أقل من نصف إلكترون فولت. يبيّن لنا الفرق بين كتلتَي الحالتَين الثالثة والثانية وجودَ قيمةٍ كتليّة على الأقلّ 0.05 إلكترون فولت وقد تصل إلى 0.5 إلكترون فولت. نحن نعرف الفروق بين قيمِ كتل الحالات الكتليّة، ولكننا لا نعرف الكتلة المطلقة للحالة الأخف وزنًا، وهذا هو أحد الأمور التي نحاول تحقيقها.
حاليًا، نركِّز في دراساتنا على كيفية امتزاج النيوترينُوات ومُضادّاتها فيما بينها لمعرفة ما إذا كانت هناك أدلة على تفاوتات وتخالفات كبيرة بين المادة وضدّها. نعلم من قطاع الكواركات وامتزاجها الأصغر بكثير من ذاك الذي للنترينو، أن هناك فرقًا بين تجلّي المادة والمادّة المُضادّة، ولكن الفرقَ صغير جدًا لا يكفي لتفسير سبب امتلاء الكون بالمادة. لذا، نحن نبحث فيما إذا كان للنيوترينو تفاوتات أكبر في طريقة امتزاج النيوترينُوات ومضاداتها، فإذا كان هناك تخالف كبير، أمكن لذلك أن يعطينا إشارةً عن نوع الفيزياء التي تؤدي إلى سيادة المادة على ضدّها في الكون.
ولكن في الوقت الحالي، الحافز الأكبر وراء تجارب النيوترينو الضخمة بما فيها تجربة النيوترينو في أعماق الأرض هو البحث عن الاختلاف بين اهتزازات وتأرجحات نكهات النيوترينو وموافقاتها للنيوترينو المضاد، وأيضًا استخدام هذا الاختلاف للبحث عن شيء آخر.
بالطبع، سوف تخبرنا هذه التداخلات ما إذا كانت الحالة الكتلية الثالثة أثقل أم أخفّ من الحالة الأولى. علاوةً على ذلك، قد نستطيع تحديد ماهيّةَ مكوّنات الحالة الكتلية الأولى أو الثانية أو الثالثة. أعني هنا أننا نعلم أن الجسيمات تأتي ضمن عائلات أو أجيال generations، فالإلكترونات من العائلة الأولى في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، أمّا الميونات والتاوات فتنتمي للعائلة الثانية والثالثة، وبالتالي، نعلم أن ما نسميه الحالة الكتلية الأولى للنيوترينو تحتوي في الغالب على نترينو إلكترون، لذا إذا اتبعنا النموذج كما في القطاع الكواركي، سنجد أن العائلة الدنيا وبالتالي الكتلة الأولى هي الأخف وزنًا، تليها الكتلة الثانية فالثالثة. هذا ما نسميه الترتيب الطبيعي normal ordering للنيوترينو، وتوافق كونَ الحالةِ الكتليّةِ الثالثةِ، المحتويةِ على أجزاء متساوية تقريبًا من نيوترينو التاو ونيوترينو الميون المنتميَين للعائلتَين الثانية والثالثة، هي الأثقل، وبالتالي نتبع ترتيب الكتل الطبيعي مثل الكواركات.
إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيكون الترتيب معكوسًا (مقلوبًا inverted). يُثير الترتيبُ المعكوس الاهتمامَ، لأن كل شيء يتعلق بالنيوترينو مختلف جدًا عن القطاع الكواركي، وحقيقةُ امتلاكِه كتلةً بالفعل تُعتبر فيزياءَ خارج النموذج القياسي، كما أن حقيقةَ كونِ اختلاطاتِ حالاتِ نكهاتِه تكاد تكون قصوى هي شيءٌ شديد الاختلاف عن الكواركات، حيث الاختلاط صغير ولكنه موجود. لذا التناظرات الحاكِمة في قطّاع النيوترينو مختلفة جدًا عنها في قطّاع الكوارك.
لذلك نريد أن نعرف ما إذا كانت الاختلاطات فعلًا قصوى عند النيوترينو، وما إذا كان ترتيب الكتل طبيعيًّا كما في الكواركات، أم أنه مختلف. هذه هي الأسئلة التي نحاول الإجابةَ عليها من خلال دراسة تذبذبات النيوترينو في تجارب مثل تجربة النيوترينو عميقًا تحت الأرض، وتجارب مماثلة في اليابان حيث تصدر النترينُوات عن مسرّعات. أمّا في تجربة داياباي Daya Bay الصينيّة، فيُدرَس الاختلاط على مسافات أقصر من كيلومتر لنترينُوات صادرة عن مفاعلات نووية: في حالة واحدة تُدرَس تذبذبات النيوترينُوات (ومُضادّاتها) الميونية، وفي حالة ثانية ندرس تذبذبَ نيوترينُوات الإلكترون المضادة الصادرة عن المفاعلات.
تذبذب واهتزاز النيوترينُوات
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/b/b5/41467_2015_Article_BFncomms7935_Fig1_HTML-en.svg
دانا: هل واجهتِ أي عقبات في مسيرتكِ المهنية كامرأة في مجال العلوم؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تعاملتِ معها؟
ماري: بشكل عام، لا تشعرين بالكثير من العقبات عندما تكونين أقلَّ خبرة. أعتقد أنه ليست هناك عقبات كثيرة، ولكن هناك اختلافات في الطريقة التي تصبحين فيها أكثرَ خبرة، وتبدئين في تبوّء مناصب قيادية. هناك اختلافات في الطريقة التي يستجيب بها الناس للقادة من النساء والرجال، وحتى كيفيّة الوصول إلى تلك المناصب، إذ يبدو أنّ على القادة النساء إثباتَ أنفسهنّ بشكل أكبر، كما أنهنّ يَمِلن إلى تبرير آرائهنّ بشكل أكبر من زملائهنّ الرجال. يمكن اعتبارُ هذه الأمور عقباتٍ، ولكن من ناحية أخرى، أعتقد أنها تجعلكِ عالِمةً وقائدةً أفضلَ إذا كنتِ حذرةً فيما تقولينه، وإذا كنتِ أكثر إقناعًا. لذا يجب علينا ألاّ نأخذ ببساطة ما يقوله البعضُ عن الإدارة لأننا على دراية بطريقة تفكيرهم أو لأنهم ذكور أو إناث، بل يجب دومًا تفحّصُ ذلك، وكمديرةِ فريقٍ عليكِ الإصغاءُ لآراء الآخرين ثم تبرير القرارات التي تتخذينها. لذلك، نعم أعتقد أن هذا النوع من التحدّي يجعلنا علماءَ أفضل. ولكن من ناحيةٍ أخرى، من الأسهل أحيانًا تبّوءُ منصب المدير لو كنتِ رجلًا وذلك بسبب التحيّز الضمني لدى الجميع -بما في ذلك النساء أيضًا- تجاه كيفيّة تصرّف المدراء وكيفية إثبات قيادتهم وسلطتهم.
عادل: في هذا الصدد، هل أثّرت نشأتكِ في إفريقيا، أوّلًا في في نيجيريا ثم في مصر، على اهتماماتك بالعلوم؟ بمعنىً آخر، هل كان لديك تعرّضٌ كافٍ للعلوم كمراهقة في هذين البلدين؟ وما هي النصائح التي يمكنكِ تقديمُها للأهل من أجل إبقاء أبنائهم مهتمّين بالعلوم؟
ماري: دعني أقلْ إن جيلي -جيل إكس X كما يسمونه- كان مختلفًا إلى حدّ ما، من حيث أن فرص الاطّلاع على العلوم كانت أقل بكثير. ولكني ذهبتُ إلى المدرسة الابتدائية في نيجيريا، ما أعطاني خلفيّةً رياضية ممتازة، فقد وفّرت لي مدرستي تدريبًا رياضيًا جيدًا، كما كان معلِّمو الرياضيات رائعين عندما جئت إلى مصر، على الرغم من أن المناهج الدراسية -وفقًا للطريقة التي كانت تُدرَّس بها في ذلك الوقت- كانت ثابتًة غير ديناميكيّةٍ. هذه هي الحقيقة، أليس كذلك؟ عندما كنتُ في المدرسة، شكّلت طريقةُ تدريس الفيزياء والرياضيات في المناهج الحكوميّة مشكلةً كبيرة، فقد كنّا نُلقَّن طريقةَ الحل دون وجود فرصة لفهم المفاهيم أو مناقشتها بشكل جيّد. ومع قولي هذا، كان معلِّمو الرياضيات والفيزياء رائعين، بعضهم كان يشرح من خارج المنهاج ليُثير الاهتمامَ فينا.
لكنْ الأهمُّ من ذلك كان دعمَ والديَّ لي. أعتقد أن معظمَ الأهالي اليومَ يقفون وراء أطفالهم. نعم، لأن الجميعَ أكثرُ وعيًا بما يحدث، وذلك بسبب إمكانية الوصول إلى الإنترنت، فهناك الكثير من الفرص لتعلّم المزيد.
على سبيل المثال، أنا مُحاضِرةٌ في المدرسة الإفريقية للفيزياء، التي بدأها أحد زملائي كتعاونٍ مشترك بين الولايات المتحدة وأوروبا وتُعقد كلَّ عامين منذ عام 2000. نقوم هناك بإعداد محاضرات في الفيزياء الأساسية، ونختار الطلاّب من خلفيات أقلّ تميّزًا وحظوظًا. لقد جئتُ من خلفية ميسورة الحال، إذ ذهبت إلى مدارس خاصة، وكان والدايَ ثريَّين نسبيًا، وفّرا لي المواردَ التي لم أكن أستطيع الحصول عليها لوحدي. لكن ما نراه اليوم هو أنه بسبب انتشار الإنترنت، يطّلع الأطفال -حتى بطريقة بسيطة من خلال المدارس أو نوادي العلوم- على الكثير، فيمكنهم البحثُ عمّا يثير اهتمامَهم واستكشافُ الإنترنت من أجل التعلّم، بل وحتى -كما تعلم- يمكنهم أخذ دورات تعليميّة إذا لزم الأمر. لقد أضحى أمر التعليم أسهلَ من قبل، ولكن أعتقد أننا يجب أن نبدأ بتقديم المفاهيم وإطلاع أطفالِنا على المصادر التي سيجدون فيها شروحاتٍ عنها.
عندما كنتُ في جنوب إفريقيا، وجدتُ أنه كان لديهم متحفُ علومٍ رائع، يُحضِرون إليه الطلاب، ويوفّرون فيه برامج محاضرات عامة. يمكن إذن جعلُ المدارس -سواء أكانت خاصّة أم حكوميّة تخدم بيئاتٍ فقيرة- تنخرط في مثل هذه النشاطات التي يمكن أن تؤمِّن المراجعَ ومحاضراتٍ عامّةً يُلقيها ضليعون بالعلم، ممّا يمكن أن يجذبَ انتباه الطلاب، ما يجعلهم يبحثون لاحفًا على هواتفهم عن المزيد. ولكن يجب أوّلًا تأمين هذا الطريق الابتدائي، أي المكان الذي يوفِّر فرصَ إعطاء الأفكار العلميّة بطريقة ممتعة.
وهذا هو الجميل في متاحف العلوم أو إعطاء المحاضرات في المختبرات. صحيحٌ أن هذه الأماكن قد لا تتّسع للجميع، ولكن يمكن للطفل التلميذ قضاءُ بعض الوقت في مراكزَ كهذه تمّ إنشاؤها بطريقة تجذب اهتمامه، كما يمكن أن يُعتبَر ذلك جزءًا من النشاط في المنهاج الدراسي. أعني، كما قلتُ، أحيانًا ليس لدى المدارس القدرةُ على الحصول على المزيد من الأموال، ولكن من خلال المشاركة بمثل هذه النشاطات يمكنها جذب الطلاّب إلى العلم وتشجيعهم على الانخراط في فعاليّاته بشكل أفضل.
دانا: ما هي النصيحة التي تقدميها للفيزيائيين الشباب الذين يطمحون إلى بناء حياة مهنية في العلوم، وخاصةً النساء؟ كيف يمكن للبلدان النامية، وخاصّةً العربيّة، أن توفر للنساء المزيدَ من الدعم والفرص للمشاركةِ بشكلٍ أكبر في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؟
ماري: أعتقد أنه فيما يخصّ مجالات مثل الطب والهندسة فإننا لا تحتاج لفعل الكثير من أجل تشجيع الطلاب على دراستها، فأغلبيتهم تضع هذه المجالات في مقدّمة طموحاتها، ولكن لا بدّ من النضال لجعلهم يقدّرون ويدرسون العلوم الأساسية، بسبب غيابِ الفهم لما يعنيه التدرّبُ والتمرّنُ في العلوم الأساسية. تميل أسواقُ العمل لدينا في الشرق الأوسط وإفريقيا إلى أن تكون مُحدَّدة للغاية، فربُّ العمل يقوم بتوظيف هذا الشخص الذي يجب أن يعرفَ ذاك الأمرَ تمامًا. في الولايات المتحدة، لا تهتمّ سوقُ العمل تمامًا بما تعرفُه، بل بمدى إبداعِكَ وقدرتك على التعلّم، لذلك، فهي أكثرُ اهتمامًا بإجرائيّة تفكيرِك. يعني هذا الأمرُ أنه من أجل تحقيق التقدّم في ثقافاتنا علينا إدراكُ أنّ تعلُّمَنا للعلوم الأساسية يزوِّدنا بطريقة تفكيرٍ ومقاربة معيّنتَين، وأن هذا الأمرَ أكثرُ مرونةً بدرجات من أن تكون مُدرَّبا للقيام بعمل مُحدَّدٍ في مجال معين.
كما تعلمين، فإن الهندسةَ أيضًا تتطلّب أيضًا في جزءٍ منها الإبداعَ لتكونَ قادرةً على التقدُّم وتطبيق مفاهيم العلوم الأساسية هذه. لذلك، أعتقد أن تحقيقَ التقدُّم يتطلّب إدراكَ قيمةِ تعليم العلوم الأساسية، وأن الكثيرَ منها -وهذا ينطبق بشكلٍ خاصّ على فيزياء الجسيمات- يمثِّل مجالًا واسعاً رحبًا قد لا يكون مُحدّدًا تمامًا مثل علوم الهندسة. أنا مثلًا فيزيائيّة تجريبيّة، وأحتاج لتطوير مهارات تجريبية. عليّ أن أعرف القليل عن الإلكترونيّات، وعن تصميم الكواشف، كما يجب أن أعرف الكثيرَ عن تحليل المعطيات، وهذا مجالُ اهتمامٍ كبيرٍ في مجتمعاتنا، إذ نحتاج لأشخاصَ قادرين على الإبداع فيما يُسمّى المعطيات الضخمة، أي في كيفية فهم المعطيات وتحليلها، فهذا مجالُ عملٍ جيّدٌ للغاية من أجل التدريب على التقنيات المتقدّمة للتعلم بواسطة الآلة. أعني أنه عبر التطبيق فإنك لا تتعلّمين علمَ الحاسوب بل كيفيّةَ تطبيقه على مسألةٍ أمامكِ بطريقة إبداعية لم يستخدمها أحد من قبل.
لذلك، يكمن جزءٌ من الإجابةِ على سؤالِكِ في إقناع الناس بأن هذه المهارات مفيدة. وعندما تُشرِك الشبابَ، فافعلْ ذلك بالمساواة. لا يهمّ ما إذا كنتَ ذكرا أم أنثى أو ما هي خلفيّتُك، فأيًّا كانت بيئتُك -سواءٌ أأتيتَ من مدرسةٍ فقيرة أم غنية، أو من أيّ شيء آخر- الموهبةُ هي فرصةٌ عالَمية وكنزٌ شموليّ. في الواقع، ستجدين أن الأشخاصَ الأقلَّ امتيازا هم الأكثرُ موهبةً أحيانا لأنهم أكثر طموحًا ولديهم حافِزٌ أكبر لتحقيق الذات بمواجهة الظروف الصعبة. لذلك، علينا إيجادُ طريقةٍ لتحديد المواهب وفِعلُ ذلك بطريقة حيادية لا تتعلّق بماهيّتكَ، لا تفرق ما إذا كنتَ ذكرا أم أنثى.
عادل: بالعودة إلى فيزياء النيوترينو، ماذا كانت أفضلَ تجربة بحثية شعرتِ فيها بالفضول والحماس الأكبر؟ ما هي تجارب النيوترينو المستقبلية في العقد القادم؟ وما هي أهدافها؟ هل تمكنّا من تحديد طبيعة النيوترينو: أهي ديراك أم ماجورانا؟ وتراتبيّة كتله: أهي طبيعيّة أم معكوسة؟
ماري: حسنًا، أعتقد أن رحلةَ مهنتي منحتني رضىً وإحباطاً بقدرَين متساويَين. لقد كنتُ محظوظةً للغاية بانضمامي إلى مختبر بروكهافِن في الوقت الذي بدأت فيه فكرةُ ما غدا بعدَها تجربةَ DUNE تتطور. لقد مثّل الأمرُ تحديًا لأنه استغرق 20 عامًا، فهو مشروع ضخم جدًا، تصل كلفتُه إلى مليارات الدولارات، ويشمل العديد من البلدان، وبالتالي فهو تحدٍ كبيرٌ جدًا. أوّلاً، أحببْتُ جدًّا عملي عندما كنتُ العالمةَ المسؤولة عن المشروع وقتَها حين كان يُسمى بتجربة الـ LBNE والتي أضحت بعدها DUNE، فقد كنتُ مسؤولةً عن ربط أعضاء فريق التعاون العلمي بالمشروع الفعلي. هذا عملٌ ضخم بقيمة مليار دولار مع مهندسيه وفنّيّيه ومديري مشاريعِه، فكيف تترجم ما يحاول العلماءُ القيامَ به إلى ما نحاول بناءه؟ وما هي المتطلبات؟ وما هي المواصفات؟ ثم يُخبرك المهندسون أين يمكننا إجراءُ ذلك الأمر بهذه الطريقة، أو يخبرك المهندس المدني أين يمكننا القيام بذلك باستخدام كاشِفٍ أصغر أو كيف أوجِّه الحفرَ، فعليك أن تربطَ بين العلماء والمشروع الفعلي. لقد أحببتُ ذلك جدًا، وبقيتُ العالِمةَ المسؤولةَ عن المشروع حتى بداية الـ DUNE، حيث استخدمنا مفاهيم التجربة السابقة من أجل تطوير التصميم المفاهيمي للتجربة الجديدة. نعم، ما أثار حماسي حقًا هو أنني كنتُ عامِلَ الارتباط الذي يردم الحفرة فيقرِّب وجهاتِ النظر بين المهندسين ومدراء المشاريع من ناحية وبين العلماء الفعليّين والعلوم التي نريد القيام بها من ناحية أخرى، لنترجمَ ذلك بما كنّا ننشئه أو بحاجة إلى بنائه.
أمّا عن الجزء الثاني من السؤال والمتعلّقِ بتجارب النيترينو، فأقول ما يلي. في الوقت الحالي، هناك طريقتان رئيسيّتان لمعالجة مسألة التراتبيّة الهرميّة (أو الترتيب) للكتلة، التي تنصّ كما ذكرت على معرفة النيوترينو الأثقل، فهل هو ذاك المحتوي على نكهة العائلة الثانية فيه (m3>m1)؟ أمّ أن هذا هو الأخفّ (m3<m1) وبشكلٍ غير متّسق تمامًا مع القطّاع الكواركي؟ في يخصّ الكواركات، فإن الكوارك العلوي والسفلي من العائلة الأولى هما الأخفّ، ثم يليهما الكوارك الغريب والفتّان من العائلة الثانية، والأمر نفسُه بالنسبة للّبتونات المشحونة فالإلكترون من العائلة الأولى أخفّ من الميون من العائلة الثانية الذي هو أخفّ بدوره من التاو من العائلة الثالثة، ولكن هذا الترتيب قد لا يكون هو المتَّبَع عند النيوترينُوات، فهل حالة النيوترينو الكتليّة (بكتلة m1) المحتوية على القسم الأكبر من نيوترينو الإلكترون هي الأخفّ؟
إذن، ترتيب الكتلة مسألة مهمّة، وهناك طريقتان لمعالجتها. أولاً، يمكننا النظر إلى طرق تذبذب نيوترينو الميون واستحالته نيوترينُوَ إلكترونيًّا على مسافات طويلة، وهذه هي تجربة الـ DUNE التي ستتم بفضل المسافة الطويلة جدًا والبالغة 1300 كيلومتر، حيث يمكننا رؤية تغير نمط التداخل الناجِم على الأرجح بسبب بعثرة نيوترينو الإلكترون عن الإلكترونات في الأرض، بشكلٍ مُشابِه لتبعثر الضوء بسبب تغيّر قرينة الانكسار بين أوساط مختلفة، وبالتالي يمكن الحصول على تعزيزٍ لتذبذب نيوترينو الميون إلى نيوترينو إلكترون إذا كان ترتيب الكتلة طبيعيًا، أي إذا كانت كتلةُ الحالة الثالثة هي الأثقل.
تكمن الطريقة الأخرى لقياس هذه التراتبيّة الهرميّة في أن ننظر فعلاً إلى التفاصيل الدقيقة في نمط التذبذب والاهتزاز، فنمط الاهتزاز يبدو على شكل توزيع جيب مُربَّع sin2، ويكون الطور هنا دالّةً للطاقة. هذه هي مقاربة تجربة JUNO في الصين، التي تستخدم النيوترينُوات المولَّدة في المفاعلات النووية، إذ يتمّ تفحّص نيوترينُوات تقطع مسافةً حوالي 60 كيلومترًا -صادرةً عن مفاعلات قوية- ثم يتمّ إحصاء نيوترينُوات الإلكترون المضادة التي تبقى بعد قطع المسافة. توجد ذبذبة في هذا العدد طورُها يتمّ تفحّصه بطرق دقيقة جداً.
�التجربتان مختلفتان كثيرًا، ولذلك نرغب في أن نقدر على قياس تسلسل الكتلة الهرمي بهاتَين الطريقتَين. وبالتالي، خلال السنوات الأولى لتشغيل الـ DUNE، التي ستبدأ حوالي عام 2031، ستكون لدينا قياسات باستخدام تذبذبات واهتزازات النيوترينُوات الميونية إلى النيوترينُوات الإلكترونية عبر مسافات طويلة جداً، من خلال النظر إلى تعزيزٍ في هذا الاهتزاز ينجم عن تبعثر نيوترينُوات الإلكترون في الأرض. أو -في الطريقة الأخرى- يمكننا النظر إلى الطور في تجربةJUNO ، فإذا رأينا فرقًا عن السائِد، استنتجنا أن هناك أمرًا ما يحدث عندما ينتقل النيوترينو عبر المادة، وسيكون هذا أمرًا مثيرًا جدًّا للاهتمام. لذا، ستكون قياسات الـ DUNE �خلال السنتَين الأُولَيَين ذات مدلوليّة إحصائية كبيرة، بينما ستستغرق معطياتُ الـ JUNO وقتًا طويلاً لأن القياسات هنا دقيقةٌ جدًا تتطلّب جهدًا كبيرًا قبل الوصول إلى تحديد طريقةِ القياس القاطِعة. الشيء المثير للإعجاب هو الجمع بين هاتين الطريقتين في نهاية المطاف، ولكننا نعتقد أن إتمامَ القياسات الحاسِمة سيتحقّق خلال السنوات الأولى من العقد المقبل، وبعد ذلك ستبدأ بيانات الـ JUNO في بلوغ المستوى نفسه من الدقة، أي ما يتجاوز 3 سيغما، وعندها يمكن النظر في معطيات كلتا التجربتَين المهمّتَين جدًا.
مسألة تراتبيّة كتل النيوترينو
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/94/Hierfig.pdf/page1-220px-Hierfig.pdf.jpg
أمّا بالنسبة للسؤال عن طبيعة النيوترينو، ماجورانا مقابل ديراك، فهذا أمر مُعقَّد إلى حدّ ما. يتعلّق الأمر بتحديد فيما إذا كان النيوترينو (وبالتحديد، حالتُه الكموميّة ذات القيمة المُحدَّدة للكتلة) مُطابقًا لمُضادّه.
إذا كان ترتيب الكتلة مقلوبًا، فهناك تحللات بيتا المضاعَفة دون إصدار نترينو NeutrinoLess Double Beta Decay (0υββ). توجد نَوى خاصّة يمكنها عندما تُجري تحلُّلَ بيتا الإشعاعي مُصدِرةً إلكترون ونيوترينو أن تعود وتمتصَّ الأخير -من خلال تحلّل بيتا المعاكِس- إذا كان النيوترينو مُطابِقًا لمضادّه، أي في حال كان النيوترينو ومضادُّه الجسيمَ نفسَه أمكن لفئة مُحدّدة من النوى أن ينبعث منها إلكترون عندما تتحلّل مع نيوترينو تقوم بامتصاصِه بسبب كونه جسيمًا مضادًا وينبعث إلكترون آخر عند هذا الامتصاص. هذه هي تحللات بيتا المُضاعَفة دون إصدار نيوترينو. سيكون للتجارب المستقبليّة حساسية تسمح بتحديد وجود مثل هذه التحلّلات. كما تعلم، تحاول بعض التجارب تحديد كتلة النيوترينو من خلال دراسة كيفية انبعاث الإلكترونات ذات الطاقات الأعلى في تحلّل التريتيوم، فتُسمّى تجارب نقطة النهايةendpoint ، وهي تجارب فريدة وصعبة الإنجاز إلى حدّ كبير. فإذا كان ترتيب الكتل معكوسًا -وهذا أمرٌ سنعلمه من DUNE أو في نهاية المطاف منJUNO -، فإن هناك إمكانية لأن تكونَ تجارِبُ نقطة النهاية حسّاسةً للغاية وقادرةً على إصدارٍ إفادةٍ حاسمةٍ بشأن ما إذا كانت النيوترينُوات ذاتَ طبيعة ديراك أم ماجورانا، لأنها ستلاحظ عمليّات تحلّل 0υββ المُنتِجة لأشعة بيتا -أي إلكترونات-ذات العلامة الفارقة. إنه قياس دقيق جدًا، ولكن أهمية الترتيب المعكوس تنجم عن أن مثل هذه التجارب قادرة في حالته على الإقرار برصد تحلّل 0υββ الموافِق للعائلة الثالثة أم لا.
أمّا إذا كان الترتيب طبيعيًا، فإن عمليات تحلّل 0υββ هذه يمكن أن تكون في أي مكان، وقد يتجاوز كشفُها حساسيةَ الجيل القادم من التجارب، وقد لا نعرف أبدًا �-في حال كانت الكتلة صغيرة جدًا- من حيث أن هذه التجارب لن تقدر على استشعار تحلُّل الـ0υββ.
تحلّل بيتا المُضاعَف دون إصدار نيوترينو
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/34/Double_beta_decay_feynman.svg/375px-Double_beta_decay_feynman.svg.png
دانا: في رأيكِ، ما الذي يحتاجه العالم العربي لتطوير العلوم؟ هل هو التمويل، التعليم أم رفع الوعي بأهمية العلوم؟
ماري: أعتقد أنه
يحتاج إلى جميع
هذه العوامِل
الثلاثة. بالرغم
من تشرُّفي بحيازة
جائزة الـ Breakthrough كعضوة
في فريق عمل
تجربة DayaBay،
إلا أنني كنتُ
مجرّدَ شخصٍ
واحِد من أصل
200، ولم أُسهِم شخصيًّا
بشكل كبير في
تلك التجربة،
ولكن من خلال
مشاركتي
فيها، رأيت
كيف تطوّرت
الصين -هذا
البلد الضخم- بشكلٍ
كبيرٍ وسريع
جدًا في
العلوم
الأساسية.
وبالمثل نرى
كيف تقدّمت
بعض البلدان
النامية مثل
البرازيل
والهند
المُشاركة في
تجربة DUNE في
هذه العلوم.
أعتقد أن العالم العربي متأخر قليلاً في مجال العلوم الأساسية، ولكن المالَ وحدَه ليس الحل. أعتقد أن فيزياء الجسيمات تُشكِّل حالةً فريدةً من حيث إمكانيّة الانضمام إلى أي من هذه التجارب الضخمة -سواء في CERN أو DUNE أو تجارب أخرى في الولايات المتحدة- بتكلفة متواضعة. نعم، أنتَ بحاجة إلى بعض المال تدفعه مقابل الانضمام، ولكن يمكنك الوصول إلى كل تلك الخبرة ومجمل تلك البيانات باستثمارٍ متواضع، صحيح؟ نفقةٌ قليلة ولكن لا يمكن أن تكون صفرًا، فغالبيّتنا في معظم الدول العربية قد تقول: "نحن فقراء، أعطونا هذا" .... لا، لا تجري الأمور هكذا، بل على البلاد العربيّة أن تقبل بالقيام باستثمارٍ متواضعٍ نسبيًّا، وفيزياءُ الجسيمات فريدة في هذا الصدد. إنها تقدم لك فرصةً الانضمام كمهندس وليس فقط كعالِم، فهناك الكثير من الهندسة وتصميم الأجهزة هناك، كما أن هناك فرصةً لمشاركة العلماء في كثير من العلوم الحسابية، ولكنْ كلُّ ذلك يحتاج بعضَ الاستثمار ويتطلّب السماحَ بالسفر والقدرةَ عليه.
يجب أن تكون قادرًا على دفع تمويل مشترك، من رتبة عدةِ آلاف دولار لكل طالب دكتوراة لضمان إمكانيّة الوصول إلى المعطيات كجزءٍ من فريق العمل. إذن، التمويل ليس المشكلة في مجال فيزياء الجسيمات، التي تتطلب بعض الإنفاق، ولكنها تقدِّم فرصًا فريدة، لذا يجب أن نكون مستعدين لذلك.
�هناك عدة دول عربية وأفريقيّة مثل المغرب والجزائر ومصر وجنوب أفريقيا لها مشاركة كبيرة في المصادِم الهادروني الكبير(LHC) �في السيرن، ودول صغيرة مثل مدغشقر تشارك في مشروع DUNE. إذن هذه الدول مُشارِكة، ولكنها لا تحصل دائمًا على المبالغ المتواضعة -ولكن الغير معدومة- المطلوبة لإرسال المزيد من الطلاب.
لا يوجد الكثير من الفهم للطبيعة التعاونية في بحوث فيزياء الجسيمات، ومن الصعب جدًا تبريرُها لوكالة التمويل الخاصّة بكَ، عندما تطلب منها -مثلًا- عدّةَ آلاف دولار لكي تشارك في تجربة معينة. لذا، يجب تغيير هذه المفاهيم، ويجب أن تتغيرَ لأن هناك فرصةً رائعة للانضمام إلى مثل مشاريع التجارب الضخمة هذه، وجزءٌ ممّا يجب تغييره هو فهمُ احتياجِ إنجازاتِها الهندسية وعلومِها الحسابية ومجموعةِ المهارات المُكتسَبة من خلال الانضمام لها والمشاركة بها إلى استخدام المعرفة في العلوم الأساسيّة.
الانضمام وحده لا يكفي، بل يتطلب أيضًا مزيدًا من المشاركة ومساهمةً أكبر من جانب مجموعات بحثيّة، وهذا يستغرق كلُّه وقتًا، ولكن البداية الأولى تكمن في إقناع الحكومة بأن هذه فرصةٌ فريدة -يمكن تحمُّل تكلفتها بشكل معقول- لأن نكونَ جزءًا من إنجاز هندسي وعلمي لا يُصدَّق ولاكتساب مجموعة من المهارات القيمة جدًا التي لن تستطيع الحصول عليها في أي مكان آخر.
عادل: لنعد مرة أخرى إلى فيزياء الجسيمات. هل ستساعدنا معرفة المزيد عن فيزياء النيوترينو في فهم المزيد عن الفيزياء خارج النموذج القياسي؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فكيف يحدث ذلك؟ يتعلِّق السؤال بالفيزياء خارج التوسِعة البسيطة للنموذج القياسي المتضمِّنة لكتل النيوترينُوات.
ماري: إذن، تقع النيوترينُوات فعلًا خارج النموذج القياسي لأننا لا نفهمها، لذلك حتى التوسعة البسيطة للنموذج القياسي لديها بعض التنبُّؤات التي يمكن اختبارها. هناك البعض - في تجارب من مثل DUNE وتجارب أخرى في CERN- يبحث عن أشياءَ من مثل ما ندعوه لبتوناتٍ حياديةً ثقيلة يمكن أن تكون جزءًا من تلك النماذج المسماة "بنماذج الأرجوحة seesaw" والتي تمثل توسعةً للنموذج القياسي.
لذلك، أعتقد أنه إذا عدنا إلى الأساسيات، فقط لشرح السبب وراء وقوع النيوترينُوات خارج النموذج القياسي، فإننا نعلم- عد اكتشاف جسيم الهيغز بكتلةٍ قريبةٍ ممّا تنبأ به النموذج القياسي انطلاقًا من كتلة بوزوناتW&Z - أن هناك آليةً لتوليد كتلة الجسيمات، لكن النيوترينو أخف بمقدار مليونَي مرة على الأقل من أخفّ جسيم -وهو الإلكترون-، ما يعني أنه لا يمكن الحصول على كتلته مباشرة من بوزون هيغز.
لذا، هناك نظريات تتوقّع وجودَ نيوترينو من نوعٍ جديد، لِبتون حيادي ولكن ثقيل و"عقيم"، أي لا يتفاعل مع المادة العادية، بل يتّصل بواسطة فيزياء جديدة لا نعرفها -تُسمّى آليّة الأرجوحة- بالنيوترينو الخفيف الذي نراه. لذا، هناك توقّعات بإمكانية مشاهدة هذه اللِّبتونات الحيادية الثقيلة، وبعضُ باحثي الـ �DUNEأو حتى تجارب الـ LHC يبحثون عن أدلّة على ذلك.
يمكن للنيوترينُوات أيضًا أن تكون جزءًا من مشهد الجسيمات وفق التناظر الفائق Suzy، وإن كانت هذه الإمكانيّة شيئًا فشيئًا تُستبعَد.
السؤال الأكبر بالطبع هو انتهاك تناظر الـ CP (الشفعيّة-قرن الشحنة)، وهو ما يؤدي إلى تخالف المادة عن المادة المضادة. يمكن النظر للنيوترينو -فيما يخصّ تذبذباته واهتزازاته- كمقياس تداخُل. نقوم في الـ DUNE بإنتاج نيوترينُوات ميونيّة تقطع مسافةَ 1300 كيلومتر معانيةً اهتزازًا ينقلها إلى نيوترينُوات إلكترونيّة تتآثر مع الأرض. يخمّن البعضُ بسبب انتقالها عبر 1300 كيلومتر بأن هذه النيوترينُوات يمكن أن تتحسّس لتفاعلاتٍ ضعيفةٍ أضعف بكثير من أضعف قوة نعرفها الآن، فيمكن لذلك أن يغيّر نمط التداخل. لذا، يمكن للنيوترينو أن يحاكِي دور مقياس تداخل يبحث عن تفاعلات جديدة ضعيفة جدًا قد تظهر عن طريق تغيير نمط الاهتزاز بين نيوترينُوَي الميون والإلكترون المُعبِّر عن تداخلٍ بين حالات كموميّة، فيمكن للقوى الموافقة لهذه التآثرات الجديدة الضعيفة أن تتجلّى كتغيّرات على ما نتوقّعه من النموذج القياسي الحالي للنترينُوات.
�هناك البعض ممّن يستخدم تجارب النيوترينو بسبب ضخامتِها وعميقها السحيق تحت الأرض للبحث عن تحلّل البروتون. في الواقع، هناك قصة طريفة حول تجارب النيوترينو التي فازت بجائزة نوبل مثلSuper-KamioKande �في اليابان، إذ أنها بدأت أصلًا بهدف دراسة تحلّل البروتون وكانت النيوترينُوات تُشكِّل الخلفيّةَ، وانتهى الأمرُ باكتشاف تذبذبات النيوترينو وغدا ذلك الفيزياء الرئيسة، والجديدة خارج النموذج القياسي. ولكننا لا نزال نبحث عن تحلّل البروتون ذي عمر الحياة الطويل جدًا -إن كان منتهيًا- كما يتوقَّع النموذج القياسي. إذا رأيتَ حادثةَ تحلّل بروتون واحد في أيٍّ من هذه الكواشف الضخمة جدًا، فهذا يُعتبر فيزياءَ خارج النموذج القياسي.
هناك أشخاص يبحثون عن المادة المظلمة، التي يفني بعضُها بعضًا -ولنقل في الشمس- ما يُنتِج نيوترينُوات يمكن كشفُها في الكواشِف الكبيرة، مثل كاشف المكعَّب الجليدي في القطب الجنوبي الذي يُعَدّ واحدًا من أروع تجارب النيوترينو التي يمكن أن تتخيلها، يبحث عن نيوترينُوات ذات طاقة عالية جدًا وبما ينعكس على الفيزياء الفلكيّة. يمكنك أيضًا البحث عن بصماتٍ للمادة المظلمة التي تُنتِج النيوترينو. إذن، هذه أمثلة أخرى على مجالات نشطةٍ جدًا حيث يمكنك استخدام تجارب النيوترينو لاستقصاء الفيزياء خارج النموذج القياسي.
دانا: حسنًا، بعيدًا عن الفيزياء. في وقت فراغكِ، هل لديكِ أيّ هوايات؟ قرأتُ أنك معجبة بالاستماع إلى الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية. هل تعتقدين أن وجودَ وقتٍ للتسلية أمرٌ مفيد عندما يعمل الشخص بدوامٍ كامل غارقًا في العلم؟
ماري: لا يمكنكَ أن تكون فيزيائيَّ جسيماتٍ ناجحًا دون أن تمتلكَ حياةً فكريّة عميقة. أعتقد أنه من أجل عملِنا وقيادتنا لمئات الأشخاص نحتاج إلى فهم الإنسانية، ولا يوجد شيء أفضل لذلك من الأدب والفنون.
علاوةً على ذلك، تحتاج كفيزيائيّ لامتلاكِ خيال نَشِط يسمح لك بترجمة لغة الطبيعة -ألا وهي الرياضيات- إلى مفاهيم يمكن للإنسان فهمُها. لتحقيق التقدم وتجاوز ما هو موجود، نحتاج حياةً فكرية شاملة تتجاوز العلم، لأنه هكذا نستطيع تطوير مهاراتِنا، ولا أقصد هنا فقط مهارات التواصل وإنما مهارات التخيّل، التي نحتاجها لترجمة لغة الطبيعة المعقدة، أي الرياضيات.
�ريتشارد فينمان الفيزيائي الشهير كان مشهورًا جدًا بأخذ هذه المفاهيم المعقدة جدًا: صيغ رياضية صعبة جدًا تتعلّق بالتآثرات الكهروضعيفة، وبرسم مخطّطات توضيحية، وغدا مشهورًا جدًا بذلك. علاوةً على ذلك، ذهب إلى البرازيل لمدة عام لأنه أراد أن يتعلم كيف يعزف على الطبول في الكرنفال.
نعرف جميعًا أن أينشتاين كان موسيقيّاً وكان يحبّ الرسم وشرودينجر أيضًا. جميع هؤلاء كانت لديهم هوايات واهتمامات، بسبب هذا الارتباط العميق بين الخيال وما يطوّره الفن والأدب من أجل تحقيقِ فهمٍ للإنسانية تحتاجه عندما تعمل مع أعداد كبيرة من الناس مثلما تحتاج -بالقدر نفسه من الأهميّة- مهاراتٍ تواصليةً معهم.
�تميل جميعُ العلوم تقريبًا، وليس مجرّد فيزياء الجسيمات، إلى أن تكون تشاركيّةً على نطاق أوسع. تتطور جميع العلوم الحديثة تقريبًا من خلال جهودٍ تعاونية، وهذه الجهود تعني أن البشرَ المتعاملين مع بعضهم البعض يأتون من خلفيّات متباينةٍ جدًا. ولهذا السبب تحتاج إلى حياة ثرية من أجل أن تغدُوَ عالِمًا أفضل.
نعم، أنا أحب الأوبرا وكنت أتعلّم الموسيقى الكلاسيكية، فدرستُ العزفَ على البيانو عندما كنت طفلة. مرة أخرى، بفضل والِدَيّ. أعتقد أنه في ذلك الوقت كانوا يبثّون على التلفزيون المصري بقناتَيه -حينئذٍ- أوبرا كلّ شهر على القناة 2، وغدوتُ مدمنةً عليها لأنني بالفعل أحب الموسيقى الكلاسيكية.
وبعد ذلك، عندما جئت إلى الولايات المتحدة كطالبةِ دراسات عليا، كنت أستمع إلى الأوبرا على الراديو أيّامَ السبت، حيث كانوا يذيعون مباشرة من أوبرا ميتروبوليتان في نيويورك، وأحيانًا من أوبرا ليريك في شيكاغو. بالطبع، كنتُ فقيرةً كطالبة دراسات عليا من أجل حضور عروض أوبرا، كما لم أعِش قرب أيّ مدينة كبيرة، لذا، كنت أستمع إلى بثّ الراديو. الآن لديهم بالفعل بثٌّ في السينما، حيث يمكنكَ الذهاب إلى دار السينما ومشاهدة الأوبرا بتكلفة أقل بكثير من تذكرة الأوبرا، ولكن في زمني كان الراديو. الآن يمكنني الذهاب ومشاهدة هذه الأوبرا شخصياً.
عادل: من المفترض
أن يكون هذا سؤالًا
من أحد قرّائِنا.
من ضمن
إنجازاتِك
العديدة، مُنِحتِ
بالمشاركة مع
أعضاء فريق
عمل تجربة
دايا بايDayaBay جائزةَ الكشف-الاختراق
(البريكثرو
Breakthrough) في
العلوم
الأساسية في
عام 2016. ماذا
يعني لك الفوز
بهذه الجائزة
"المرموقة"؟
ماري: بصراحة، شعرتُ بالمزيد من التكريم والتشرُّف عندما حزتُ الزمالةَ في الجمعية الفيزيائية الأمريكية، حيث كانت جائزةً بشكلٍ مباشَر عن عملي في فهم الكواركات والنيوترينُوات.
ما عنَتْه جائزة البريكثرو عندها هو أنها كانت أوّل مرّة تُمنح فيها جائزةٌ تكريميّة تُقِر بأن علمَنا ثمرةُ جهودٍ تعاونيّة. لذلك، على الرغم من أنني لم أكن مشاركة رئيسيّة في تجربة داياباي بأي حال من الأحوال، تمّ منحي هذه الجائزة كعضوٍ من فريق هذا التعاون العلمي الذي يضم أكثر من 200 شخص من كلّ مكان. أعني، إنه مشروع قائم في الصين، ولكنه ضمّ باحثين من الصين والولايات المتحدة وأوروبا، حاولوا جميعًا فهمَ بعض الحقائق الأساسية عن النيوترينو.
�في الواقِع، تمّ الإعلان عن نتائج تجربة داياباي في العام نفسِه -2012- الذي تمّ فيه اكتشاف جسيم الهيجز، ويُعتبر كلا هذَين الكشفَين (جسيم الهيغز وقياس داياباي ) في مجالنا� حدثًا إبداعيّاً على القدر نفسِه من الأهميّة.
أعتقد أن هذا هو ما تعنيه لي جائزة البريكثرو. إنها المرة الأولى التي تعترف فيها جائزةٌ علمية رئيسية بأن العلمَ هو جهدٌ تعاوني وأنه يستلزم مئاتَ الأشخاص. بالطبع، لتحقيق إنجازٍ رئيسي، يوجد بعض القادة الذين صاغوا الفكرة، ولكنّ جعلَ هذه الفكرة ممكنةً لهو مشروعٌ ضخمٌ جدًا. هذه هي قيمة تلك الجائزة وما تعنيه بالنسبة لي.
عادل: شكرًا جزيلاً، الأستاذة ماري، على منحنا هذه الفرصة الرائعة من وقتِكِ الكريم لإجراء مقابلة معكِ.
ماري: الشكر الجزيل. أشكركما على منحي هذه الفرصة.
ماري بيشاي مع عادل عوض ودانا عبد الغني
الخلايا
الشمسية: طاقة
المستقبل
النظيفة والمستدامة
مصطفى
الأعصر
أستاذ في قسم
الفيزياء �
كلية العلوم �
جامعة عين شمس
مقدمة
تعتبر
الطاقة
الشمسية
مصدرًا
نظيفًا ووفيرًا
ومتجددًا
للطاقة الآمنة
غير
المحدودة،
كما أن لديها
القدرة على تقليل
الاعتماد
العالمي على
الوقود
الأحفوري
بشكل كبير.
تقوم
الخلايا
الشمسية (تسمى
أيضا بالخلايا
الكهروضوئية PV) بتحويل
الطاقة
الشمسية الى
طاقة كهربائيّة
يمكن
استخدامها في
أنشطة
الانسان
اليومية
المختلفة
على المستوى
الفردي
والزراعي
والصناعي
...الخ. والجدير
بالذكر أن
ظهور مشكلة تغير
المناخ
والتأثيرات
البيئية
لمصادر الطاقة
التقليدية
أدى إلى
استثمارات
وأبحاث كثيرة
في تكنولوجيا
الطاقة
الكهروضوئية.
تُعَدّ الطاقةُ
المنبعثة من
الشمس واحدةً
من أكثر
الموارد المتاحة
للبشرية وفرةً
واستدامة.
يبلغ متوسط
الطاقة
الشمسية التي
تسقط
على سطح الأرض
حوالي 1000 واط
لكل متر مربع (W/m�). يمثل
هذا الرقم
كمية هائلة من
الطاقة، قادرة
على تلبية -بل
وحتى تجاوز-
جميع
احتياجات
الطاقة
البشرية إلى
أجل غير مسمى.
تتلقى الأرض
حوالي 174 بيتا واط
(PW) من
الإشعاع
الشمسي
القادم في
الغلاف الجوي
العلوي. ينعكس
ما يقرب من 30٪
من هذه الطاقة
إلى الفضاء،
بينما يُمتَصّ
الباقي في
الغلاف الجوي
والمحيطات
والكتل الأرضية.
على الرغم من
هذا الانعكاس
والامتصاص،
فإن كمية
الطاقة
الشمسية التي
تصل إلى سطح الأرض
لا تزال
مذهلة. في
المتوسط،
يتلقى كل متر
مربع من سطح
الأرض حوالي 1000
واط/م� من
الطاقة الشمسية
خلال ساعات
النهار. يكون
تدفق الطاقة هذا
كبيرًا عند
النظر في
مساحة السطح
الواسعة المتاحة
لتلقي
الطاقة
الشمسية. على
سبيل المثال،
بلغ الاستهلاك
العالمي
للطاقة في عام
2021 حوالي 580 إكسا جول
(EJ)، حيث يعادل
الإكسا جول
الواحد 277
تيراواط/ ساعة.
ومن الجدير
بالذكر تخيُّل
حقيقة أن
الطاقة
الشمسية التي
تضرب سطح الأرض
في ساعة واحدة
فقط تتجاوز
الاستهلاك
السنوي
للطاقة لجميع
الأنشطة
البشرية. وهذا
يبين لنا كيف
أن هذه الطاقة
كنز يجب
استغلاله على
المستوى
الإقليمي
والعالمي.
ولعل بعض
الأسباب
الرئيسية
التي تعطي
الطاقة
الشمسية أهميتها
هي الاستدامة، وأنها
نظيفة وصديقة
للبيئة، ولها
كثيرٌ من
الفوائد
الاقتصادية،
وتطبيقاتُها
متنوعةٌ
بمقاييس
مختلفة وقدرات
كهربية
مختلفة، كما
أنها في تطوّرٍ
مستمرّ حتى
تصبح أكثر
كفاءة
وموثوقية، وهي
رخيصة
التكلفة على
المدى
البعيد، ما
يجعلها تحلّ
محلَّ
المصادر
الأخرى وخصوصا
في الأزمات.
وقد أدركت
الكثير من
الدول
الأهمية
الاستراتيجية
للطاقة
الشمسية على
مستوى
العالم، حيث
تقوم بدمجها
في تخطيطاتها
وسياساتها
المستقبلية
للطاقة لضمان
حلول\ِ طاقة
مستدامة
ونظيفة
وفعالة. ويعتبر
هذا الأمرُ
بالغَ
الأهمية للحد
من التأثير
البيئي
وتعزيز النمو
الاقتصادي
وتحسين نوعية
الحياة على
النطاق
العالمي.
تستعرض هذه
المقالة
التطورَ
التاريخي
والحالة
الراهنة
والتوجهات
المستقبلية
لتكنولوجيا
الخلايا
الشمسية، مع
التركيز على بعض المبادئ
والأسس
الفيزيائية
للخلايا
الشمسية، واهمية
التكامل بين
الدول في شبكة
طاقة إقليمية
أو عالمية
موحدة.
ماهي
الخلايا
الشمسية: هي
أجهزة (نبائط)
إلكتروضوئية
(Optoelectronic)
ذات تصميم
خاص لتحويل
ضوء الشمس
مباشرة إلى
كهرباء
مستمرة.
التطور
التاريخي
والتقدم
التكنولوجي
للخلايا
الشمسية
-
الاكتشافات
المبكرة (1839-1954):
لوحظ التأثير
الكهروضوئي
لأول مرة من
قبل ألكسندر
إدموند بيكريل
في عام 1839. ومع
ذلك، لم تتحقق
التطبيقات
العملية لهذا
الاكتشاف حتى
منتصف القرن
العشرين مع
تطوير الخلية
الكهروضوئية
السيليكونية
من قبل
مختبرات بيل
في عام 1954، مما
يمثل بداية
الخلايا
الشمسية
الحديثة.
- ثم تلى
ذلك عصرُ
السيليكون (1954
إلى الوقت
الحاضر) حيث سيطر
السيليكون
باعتباره
المادة
الأساسية
للخلايا
الشمسية
نظرًا لوفرته
وخصائصه شبه
الموصلة.
وقد كان
التطور من
السيليكون
أحادي
البلورة إلى
السيليكون
متعدد
البلورات
مدفوعًا
بالحاجة إلى
خفض التكلفة
وتعزيز
الكفاءة.
- ثم
توالت
الأنواع
الأخرى من
الخلايا، حيث ظهر مفهوم خلايا
الأغشية
الرقيقة في
السبعينات
وتجاريا في
الثمانينات،
وتستخدم هذه
الخلايا
طبقاتٍ من
المواد شبه
الموصلة
بسماكة بضعة
ميكرومترات
مثل خلايا تيلورايد
الكادميوم و CIGS
التي ظهرت في
تسعينات
القرن
العشرين. وكان
الدافعَ وراء ذلك
تقليلُ
استهلاك
المواد
وبالتالي انخفاضُ
تكاليفها
وتحقيقُ
مرونةٍ أكبر
مقارنة
بخلايا
السيليكون
التقليدية.
- الخلايا
الكهروضوئية
العضوية
والهجينة
الحيوية:
استكشفت
الابتكاراتُ
في الخلايا
الكهروضوئية
العضوية
والأنظمة
الهجينة
الحيوية
إمكانيّةَ
استخدام
المواد
العضوية
وأنظمة
التمثيل الضوئي
لتعزيز
امتصاص الضوء
وكفاءة
التحويل. وكان
أول ظهور
لأبحاث خلايا
المواد
العضوية في
الخمسينات
الا أن التطور
في كفاءتها لم
يشاهد إلاّ في
التسعينات
وبداية
ألفينات القرن
الحادي
والعشرين (2000s)،
ولازالت تلك
الخلايا
في طور
التطوير حتى
تنافس
مثيلاتها من
السيليكون.
- خلايا
البيروفسكايت
الشمسية: برزت
خلايا
البيروفسكايت
الشمسية
كتقنية
واعدة، وحققت
اختراقات كبيرة
في الكفاءة في
عقد واحد (10
سنوات)، حيث
تجاوزت 25٪ في
المختبرات، وقد ظهرت
خلايا
البيروفسكيت
في 2009
ولاتزال
في طور
التطوير
والأبحاث
للوصول الى
عمر افتراضي
كبير يقارن
بخلايا
السيليكون،
والجدير
بالذكر أن
انخفاض
تكاليف
التصنيع وخصائص
الامتصاص
الممتازة
لهذه الخلايا
تجعلها
بديلاً
مستقبليًا
قابلاً
للتطبيق.
التركيب
الأساسي
لخلية
السيليكون
البلوري
تُعتبر
خليةُ
السيليكون
الشمسية،
والمعروفة
أيضًا باسم
الخلية
الشمسية
المصنوعة من
السيليكون
البلوري (c-Si)،
النوعَ
الأكثر
استخدامًا من
الخلايا
الكهروضوئية
نظرًا
لكفاءتها
العالية
واستقرارها
على مدى زمني
طويل. يتضمن
الهيكلُ
الأساسي
لخلية
السيليكون
الشمسية (شكل 1) عدةَ
طبقات
ومكوناتٍ
رئيسية، لكلٍّ
منها وظيفة
محددة في
عملية تحويل
ضوء الشمس إلى
كهرباء، ألا
وهي:
أقطاب
التوصيل
الأمامية
(خطوط الشبكة): غالبا
ما تصنع من
الفضة (Ag)
ودورها هو
توصيل
الكهرباء
المُولَّدة
خارج الخلية.
تُصمَّم على
هيئة شبكةٍ
لتقليل تأثير
التظليل
السلبي مع
توفير مقاومة
منخفضة
للتيار.
الطلاء
المضاد
للانعكاس (ARC): يُصنع من
نيتريد
السيليكون (SiNx) أو
ثاني أكسيد
التيتانيوم (TiO2) والهدف
منه تقليل
انعكاس ضوء
الشمس عن سطح
الخلية، ممّا
يسمح بدخول
المزيد من
الضوء إلى
الخلية وزيادة
الكفاءة.
طبقة
السيليكون من
النوع N: وهي
سيليكون مشبع
بالفوسفور
(أو عنصر
خماسي
التكافؤ)
وتحمل فائضًا
كبيرًا
من
الإلكترونات
(حاملات
الشحنة
السالبة) في
الطبقة
العليا
للخلية، ممّا
يشكل الجانب
السالب من
الوصلة p-n.
طبقة
السيليكون من
النوع P: وهي
طبقة من
السيليكون
المُشبَع
بالبورون (أو
عنصر ثلاثي
التكافؤ)
وتحمل فائضًا
كبيرا
من الفجوات
(حاملات
الشحنة
الموجبة) في
الطبقة
السفلية للخلية،
ممّا يشكِّل
الجانب
الموجب من
الوصلة p-n.
طبقة حقل
السطح الخلفي
(BSF): وهي
طبقة من
الألومنيوم
أو السيليكون
من النوع p
المشبع بشكل
كبير جدًّا (p+) والذي
بدوره يقلل من
إعادة اتحاد
الإلكترونات
الفجوات
على السطح
الخلفي، مما
يعزِّز كفاءة
الخلية عن
طريق عكس
الإلكترونات
مرة أخرى إلى
الخلية.
أقطاب التوصيل
الخلفية: تكون
من الألومنيوم
(Al) وتقوم
بتوصيل
الكهرباء
المُولَّدة
في الخلية إلى
دائرة خارجية كما
توفر الدعم
الهيكلي.
شكل 1. الهيكل
الأساسي
لخلية
السيليكون
البلوري
مبدأ
عمل خلية
السيليكون
الشمسية
يتم
تصميم الهيكل
الأساسي
لخلية
السيليكون
الشمسية
بهدف حصد أكبر
كمية من ضوء
الشمس
وتحويله إلى
طاقة كهربائية.
لكل طبقة دور
أو وظيفة
محددة تساهم
في الأداء الكلي
للخلية
وتحديد
كفاءتها. يُعدّ
فهم هذا
الهيكل أمرًا
أساسيًا
لتطوير
تكنولوجيا
الخلايا
الشمسية
وتحسين كفاءة
أنظمة الطاقة
الشمسية. وكي
تتحول
الطاقة من
النطاق
الضوئي الى
النطاق
الكهربي هناك
بعض العمليات
التي تتم في
الخلية، ألا
وهي امتصاص
الفوتونات
وتوليد أزواج
من
الإلكترون-فجوة
وفصل الشحنات
عن بعضها ثم الانجراف
(drift)
والانتثار(diffusion) ثم
تجميع ناقلات
الشحن -
بتناسقٍ
لتحويل ضوء
الشمس إلى
طاقة
كهربائية. إن
فهم هذه
العمليات
يساعد في
تحسين تصميم
وكفاءة
الخلايا
الشمسية، مما
يمهّد الطريق
لتقنيات طاقة
شمسية أكثر
فعالية.
ولذلك
عندما يضرب
ضوءُ الشمس
الخليةَ
الشمسية
المصنوعة من
السيليكون،
تحدث العمليات
الفيزيائية
التالية:
امتصاص
الفوتونات: تمتص
طبقات
السيليكون
الفوتونات
(ذات طاقة ≥ فجوة
النطاق) من
ضوء الشمس،
مما يؤدي إلى
توليد أزواج
من الإلكترونات
والفجوات في
حالة من
الارتباط (تسمى
الإكسيتونات).
فصل
الشحنات: يعمل
المجال
الكهربائي
(قوة تدفع
الشحنات
الموجبة في
اتجاه المجال
والسالبة عكس
المجال) عند
الوصلة p-n
على
فصل أزواج
الإلكترون-فجوة،
مما يؤدي إلى دفع
الإلكترونات
نحو طبقة
n-type والثقوب
نحو طبقة
p-type �
الانجراف والانتثار: تتحرك
ناقلات
الشحنة
المنفصلة خلال
مادة
السيليكون
عبر آليتين:
- الانجراف: حركة
ناقلات
الشحنة بسبب
المجال
الكهربائي في
منطقة
الاستنزاف
(الناضبة depletion) .
- الانتثار: حركة
ناقلات
الشحنة بسبب
تدرج
تركيزها
خارج منطقة
الاستنزاف.
تجميع
الشحنات: يتم تجميع
الشحنات
المنفصلة
بواسطة أقطاب
التوصيل
الأمامية
والخلفية. تتدفق
الإلكترونات
عبر الدائرة
الخارجية، بينما
تتدفق الفجوات
إلى جهة
الاتصال
الخلفية
لتوليد تيار
كهربائي.
المعاملات
الكهربية
للخلية الشمسية
تعتبر المعاملات
الكهربية
الرئيسية
للخلية
الشمسية (
تيار الدائرة
القصيرة (Isc)، وجهد
الدائرة
المفتوحة (Voc)،
ونقطة
الطاقة
القصوى (Pm)،
والتيار
والجهد عند
أقصى نقطة
طاقة (Im
و Vm)،
ومعامل
التعبئة (FF)،
والكفاءة (η)،
ومقاومة التوالي (Rs)،
ومقاومة
التحويل (Rsh) )
ضرورية
جدا لفهم أداء
الخلية
وتحسينه.
توفر
هذه
المعاملات
رؤى حول كفاءة
الخلية الشمسية
وسلوكها في ظل
ظروف مختلفة.
وفيما يلي أهم
تلك
المعاملات:
- تيار
الدائرة
القصيرة (Isc): هو
التيار
المار عبر
الخلية
الشمسية
عندما تكون
أطراف الخرج
تمثِّل
دائرةً قصيرةً
(دارة قصْرٍ) بدون
مقاومة (أي
عندما يكون
الجهد عبر
الخلية
صفرًا).وهو يمثل
الحد الأقصى
للتيار الذي
يمكن أن
تنتجه الخلية
في ظل ظروف
الاختبار
القياسية (STC). Isc
يتناسب طردًا
مع شدة الضوء
الساقط ومع مساحة
سطح الخلية.
- الجهد في
حالة
الدائرة
المفتوحة (Voc): هو
جهد الخلية
الشمسية
عندما تكون
أطراف الخرج
مفتوحة
(أي عندما
يكون التيار
المار عبر
الخلية
صفرًا). ويشير
إلى أقصى جهد
يمكن أن
تنتجه
الخلية تحت STC. يتأثر Voc
بخصائص
المادة
ودرجة حرارة
الخلية.
- القدرة
النظرية: وهي
حاصل ضرب Voc و Isc،
حيث لا يمكن
الوصول اليها،
والقدرة
الفعلية
للخلية
دائما أقل
منها.
- نقطة
الطاقة
القصوى (Pm): هي
نقطة على
منحنى I-V
حيث يكون حاصل ضرب
التيار
والجهد هو
الحد
الأقصى،
ويمثل أعلى طاقة
يمكن أن
توفرها
الخلية.
يعتبر Pm هامّا في
تحديد كفاءة
الخلية
الشمسية
ويمكن
حسابها
باستخدام
العلاقة ���Pm = Vm
� Im
- عامل
التعبئة (FF): هو النسبة
بين أقصى
نقطة طاقة (Pm) إلى القدرة
النظرية، ويشير
إلى جودة
الخلية
الشمسية،
حيث تُشير قيمةٌ
أعلى له إلى
خلية شمسية
أكثر كفاءة.
- الكفاءة (η): نسبة
خرج القدرة
الكهربائية (Pm) إلى
طاقة الضوء
الساقط،
وهي تقيس
الكفاءة ومدى
فعالية
الخلية
الشمسية في
تحويل ضوء
الشمس إلى
طاقة كهربية.
تشير
الكفاءة
الأعلى إلى خلية
شمسية أفضل
أداءً.
- مقاومة
السلسلة (على
التسلسل) (Rs): هي المقاومة
التي
يواجهها
التيار
المتدفق عبر
الخلية
الشمسية،
بما في ذلك أقطاب
التوصيل
والمادة
نفسها. تقلّل
المقاومةُ
على التسلسل
العاليةُ من
عامل
التعبئة
والكفاءة
الإجمالية،
وتؤثر
على ميل
منحنى I-V
بالقرب من
تيار
الدائرة
القصيرة.
- مقاومة التوازي
(Rsh):
وتمثل
المقاومة
عبر أطراف
الخلية
الشمسية
بسبب تيارات
التسرب. تُعتبر
مقاومةُ التوازي
العاليةُ
مرغوبةً
لأنها تقلل
من تيار
التسرب وتحسِّن
عامل
التعبئة
والكفاءة.
تتسبب
مقاومة التوازي
المنخفضة في
فقد الطاقة
وتقليل Voc.
- معاملات
درجة
الحرارة:
وهي التي تصف
كيف يتغير Voc و Isc
والكفاءة مع
درجة
الحرارة، إذ
يعتمد
أداء الخلية
الشمسية على
درجة الحرارة.
عادةً ما
يتناقص Voc مع
زيادة درجة
الحرارة،
بينما يزداد Isc
بشكل طفيف.
تساعد
هذه
المعاملات في
تقييم فعالية
الخلايا
الشمسية
وتصميم أنظمة
الطاقة
الشمسية لتحقيق
أقصى إنتاج
ٍللطاقة.
الحدود
القصوى
النظرية
لكفاءة
الخلايا الشمسية
الحد
النظري
الأقصى
لكفاءة
الخلايا
الشمسية هو
مفهوم حاسم في
أبحاث الطاقة
الكهروضوئية
لأنه يحدِّد
الإمكانات
والقيود
للمواد
والتقنيات
الحالية، كما
يرشد الى
تطوير
ابتكارات
جديدة مثل
الخلايا
الترادفية (Tandem cells) لتسخير
الطاقة
الشمسية بشكل
أفضل.
يُشير
الحدّ النظري
لكفاءة
الخلايا
الشمسية، والذي
غالبًا ما تتم
الإشارة إليه
في سياق حد
شوكلي � كوايسر
(Shockley-Queisser)،
إلى الحد
الأقصى
للكفاءة التي
يمكن أن تحققها
الخلية
الشمسية ذات
الوصلة
الواحدة في تحويل
الطاقة
الشمسية إلى
كهرباء في ظل
الظروف القياسية.
يتمّ اشتقاق
هذا الحد من
مبادئ
التوازن
التفصيلية
ويأخذ في
الاعتبار
العديد من
العوامل
الفيزيائية.
تمّ حساب هذا
الحد من قبل
ويليام شوكلي
وهانز كوايسر
في عام 1961[2]، ويوفِّر
تفسيرًا
نظريًا
مفصلاً للحد
الأقصى للكفاءة
التي يمكن
توقعها من
خلية شمسية
مصنوعة من
وصلة p-n واحدة
تستخدم مادة
شبه موصلة
واحدة.
إذن
ما هي العوامل
التي تؤثر على
هذا الحد؟
- طاقة فجوة النطاق (Bandgap): لكل
مادة شبه
موصلة طاقة
مميزة تسمى فجوة
نطاق، وهي
الفجوة بين
نطاقي
التكافؤ
والتوصيل، لا
يتم امتصاص
الفوتونات
التي تقل
طاقتها عن فجوة
النطاق
وبالتالي لا
تساهم في
توليد الكهرباء.
سوف يتمّ
امتصاص
الفوتونات
ذات الطاقة
الأكبر من
فجوة
النطاق،
ولكن الطاقة
الزائدة فوق
فجوة النطاق
تتحول بسرعة
إلى حرارة
بدلاً من
الكهرباء.
- خسائر
التسخين: تضيع
الطاقة
الزائدة
للفوتونات
عالية الطاقة
(الطاقة التي
تزيد عن فجوة
النطاق
لأشباه
الموصلات)
كحرارة
عندما
تسترخي
الإلكترونات
المثارة إلى
حافة النطاق. هذه
الخسارة
كبيرة، خاصة
بالنسبة
لأشباه
الموصلات
ذات طاقات
فجوة النطاق
المنخفضة
التي يمكن أن
تمتص المزيد
من الطيف
الشمسي.
- الكفاءة
الكمية: من
الناحية
المثالية،
يجب أن يولِّد
كلُّ فوتون
ممتص زوجًا
واحدًا من
الإلكترونات
والفجوات. ومع
ذلك، لا تؤدي
جميع
الفوتونات
الممتصة إلى
توليد
ناقلات شحنة
بسبب طرق
الخسارة
المختلفة
داخل هيكل
الخلية.
- خسائر
إعادة الاتحاد: يمكن
لحاملات
الشحنة
المتولدة
(الإلكترونات
والفجوات) أن
تتحد قبل
تجميعها
والوصول الى
الأقطاب
الكهربائية.
وهذا يشمل
إعادة الاتحاد
الإشعاعي
وغير
الإشعاعي.
- فقدان
الجهد: يقتصر
الحد الأقصى
الممكن
لإخراج
الجهد للخلية
الشمسية على
جهد فجوة
النطاق
لأشباه
الموصلات.
ومع ذلك،
تعمل
الخلايا
الشمسية
العملية بجهد
أقل من هذا
بسبب خصائص
المواد غير
المثالية وقيود
التصميم
العملي.
قيمة
الحد النظري:
يفترض
حدّ شوكلي
� كوايسر أن
الحد الأقصى
لكفاءة خلية
ذات وصلة
واحدة يبلغ
حوالي 33٪ في ظل
ظروف
الاختبار
القياسية (إضاءة
شمس واحدة، 25
درجة مئوية) [1].
بمعنى
أنه من كل
الطاقة
الموجودة في
ضوء الشمس
(حوالي 1000 واط/م 2)
التي تسقط على
خلية شمسية
مثالية،
لا يمكن تحويل
سوى 33٪ منها
إلى كهرباء أي
330 واط/م2 فقط. تمتلك
مادة الخلايا
الشمسية
الأكثر
شيوعًا وهي
السيليكون،
فجوة نطاق
تبلغ1.1 �فولت، تصل
الخلايا
الشمسية
أحادية
البلورية
التجارية الى
كفاءة
تحويل تبلغ
حوالي 24٪،
وبالتالي
تصبح الطاقة
المُحوَّلة
الى كهرباء 240
واط/م2 فقط.
ما وراء الحدّ:
الخلايا
الشمسية
الترادفية (Tandem solar cells)
سعى
الباحثون الى
إيجاد طريقة
كي تتجاوز
الخلايا حد شوكلي � كوايسر،
وتوصّل
الباحثون
لتصميم
وتصنيع خلايا
شمسية متعددة
الوصلات
(ترادفية)، حيث تتوالى
فيها وصلات
متعددة من
مواد ذات
فجوات نطاقية
مختلفة. من
خلال تسخير
نطاق أوسع من
الإشعاع
الشمسي بشكل
أكثر كفاءة،
تستهدف كل وصلة
جزءًا
مختلفًا من
الطيف
الشمسي،
وبالتالي تقليل
خسائر
التسخين
وتعزيز
الكفاءة
الكلية للخلية.
الكفاءات
المحتملة
للخلايا
الترادفية: تشير
النماذج
النظرية إلى
أنه من خلال
الجمع الأمثل
بين المواد
وتصميم
الوصلات،
يمكن أن تحقق
الخلايا
الشمسية
الترادفية كفاءة
تتجاوز 45٪. يسمح
هذا النوع من
الخلايا
باستخدام
الطيف الشمسي
بشكل أكثر
اكتمالاً وكفاءة
ممّا هو ممكن
مع تصميمات
الوصلة
الواحدة.
الاتجاهات
والابتكارات
المستقبلية
تعزيز
الكفاءة: يستمر
البحث في دفع
حدود كفاءة
الخلايا الشمسية
من خلال مواد
وتصميمات
خلايا جديدة.
تُظهِر
الخلايا
متعددة
الوصلات،
التي تتكون من
عدة وصلات (Junctions)،
إمكانيّةَ
التقاط
أجزاء طيفية
مختلفة من ضوء
الشمس، وبالتالي
إمكانية
تحقيق معدلات
كفاءة تصل
الى 47.6٪ ]2[
حسب آخر
تحديثات NREL.
قابلية
التوسع
والتأثير
البيئي: يتطلب
التأثير
البيئي
لإنتاج
الخلايا
الشمسية،
لا سيما فيما
يتعلق
بالحصول على
المواد والتخلص
من نهاية
العمر،
اهتمامًا
مستمرًا لضمان
حلول طاقة
مستدامة حقًا.
التكامل
والتحديات
تكامل
الشبكة: يمثل
دمج الطاقة
الشمسية في
شبكة الطاقة
الحالية
تحديات كبيرة
مثل التباين
وتخزين ونقل
الكهرباء.
تتضمن الحلول
تطوير أنظمة
تخزين البطاريات
المتقدمة وتطوير تقنيات
إدارة
الشبكات. في
حين أن
الفوائد
كبيرة، فإن
التكامل
العالمي
لشبكات
الطاقة يطرح
أيضًا تحديات
تشمل
الحاجةَ إلى
استثمارات
كبيرة في
البنية
التحتية،
ومواءمة
الأطر
التنظيمية،
وضمان الأمن
السيبراني.
بالإضافة
إلى ذلك، يُعَدّ
التعاون
السياسي
والاقتصادي
بين الدول أمرًا
بالغ الأهمية
لنجاح هذا
المشروع
الطموح.
التحديات
الاقتصادية
والسياسية:
على الرغم من
انخفاض
التكاليف،
إلا أن اعتماد
الطاقة
الشمسية تعيقُه
العوامل
الاقتصادية
وأطر السياسة
في مختلف المناطق.
وتعتبر برامج
الحوافز
والإعانات
والدعم
التنظيمي
أمرًا بالغ
الأهمية
لمزيد من
الاعتماد.
التكامل
العالمي
لشبكات
الطاقة
الكهربائية
يمثّل
تكاملُ شبكات
الطاقة
الكهربائية
على نطاق
عالمي طريقًا
واعدًا
لتعظيم فوائد
الطاقة
الشمسية
الكهروضوئية
(PV)، وهي
المصدر الرئيسي
للطاقة
المتجددة. يتضمن
هذا التكامل
ربط شبكات
الطاقة
الإقليمية
والوطنية
لإنشاء نظام
كهرباء عالمي
أكثر مرونة
وكفاءة. ويمكن
للتكامل
العالمي أن
يعزز فعالية
وفوائد
الطاقة
الشمسية
الكهروضوئية
عن طريق تعزيز
استقرار
الشبكة
وموثوقيتها،
وخفض التكلفة
والكفاءة
الاقتصادية،
وزيادة
الاستثمار في
الطاقة
المتجددة،
وتسهيل
التقدم
التكنولوجي،
وتعزيز أمن
الطاقة. وبذلك
يكون الاعتماد
على الطاقة
الشمسية
الكهروضوئية
على نطاق واسع
من خلال تكامل
الشبكة
العالمية ذا
فوائد بيئية
واجتماعية
كبيرة، منها
تقليل
الاعتماد على
الوقود
الأحفوري
وبالتالي
نُقلِّل
من انبعاثات
غازات
الاحتباس
الحراري وتلوث
الهواء
والآثار
الصحية
المرتبطة به. علاوة على
ذلك، يمكن
لنمو صناعة
الطاقة الشمسية
أن يخلق فرص
عمل ويحفز
التنمية
الاقتصادية
في المناطق
الغنية
بالموارد
الشمسية، ممّا
يساهم في
تحقيق أهداف
التنمية
المستدامة
العالمية.
الخاتمة
يعكس
تطور الخلايا
الشمسية من
أجهزة بسيطة إلى
أنظمة متطورة
وعالية
الكفاءة
تقدمًا علميًا
وتكنولوجيًا
كبيرًا. كما
يبدو أن مستقبلَ
الخلايا
الشمسيّة
واعدٌ مع
استمرار
الابتكارات
التي تهدف إلى
التغلب على
التحديات
الحالية
وتعظيم انتشار
وتوليد ونقل
الطاقة
الشمسية عبر
شبكات عالمية
موحدة في
مشروع طموح
للتعاون بين
مختلف اقطار
العالم.
المراجع
[1] William
Shockley; Hans J. Queisser (March
1961). "Detailed Balance Limit of Efficiency of p-n Junction Solar
Cells" (PDF). Journal
of Applied Physics. 32 (3):510-519. doi:10.1063/1.1736034.
[2] https://www.nrel.gov/pv/assets/images/cell-pv-eff-mjcells.jpg
الشوّاش
والكسوريّات
حيث الفيزياء
وجاذِبها
العجيب
محسن
زهران، أستاذ
الفيزياء
النظرية
بكلية العلوم
جامعة
المنصورة،
مصر
"ضاعت
المملكة و قتل
الملك بسبب
خسارة معركة،
وحدثت هذه
الخسارة لأن
الفارس قد هزم،
وانهزم �الفارس
بسبب عدم اتّزان
فرسه، الذي كان
يعاني من
حدوته،
والحدوة لم
تكن مُثبَّتةً
بسبب مسمارٍ
صدِئ"
أوّلًا:
مقدّمة:
تُصنَّف
الفيزياء في
المرتبة
الثانية بعد
الرياضيات
كعلم وصل إلى
مرحلة منطقية
قائمة على
الملاحظة
والتجربة
واستنتاج
العلاقات
الرياضية
التي تحكم بعض الظواهر
الفيزيائية، وقد
تمّ ذلك على يد
العالِم
الإيطالي
جاليليو(1564-1642)
عملاق العلم .فالعلم
بشكل عام،
والفيزياء
بشكل خاص، مدين
بشكل أساسي
لهذا العالِم
لقدرته الفذة
على التفكير
المخالف
للفطرة والطبيعة
الظاهرة
للأشياء،
ولقدرته
الفائقة على
تحليل حركة
السقوط الحر
للأجسام المختلفة
الشكل
والكتلة في
مجال
الجاذبية
عندما تكون
المنظومة
الفيزيائية
معزولةً عن
محيطها. وقد اتضح ذلك
عندما بيّن أنه
إذا تمّ تجاهل
تأثير مقاومة
الهواء،
فإن المطرقة تسقط
بالطريقة نفسها
التي تسقط بها
ريشة الطائر. ثم
جاء العبقري
نيوتن (1642-1727) الذي صاغ
قانون الجاذبية
العامة
القائل يأن كلّ
جسيم في الكون
يجذب الجسيمات
الأخرى بقوة
تتناسب
عكسًا مع مربع
المسافة التي
تفصله عنها:
حيث